عاش حي امبابة الشعبي في جنوب القاهرة ليلة دامية بعد اشتباكات بين مسلمين وأقباط، أدت إلى سقوط 12 قتيلاً و230 جريحاً. واستنفرت مصر أمس للسيطرة على تداعيات الحادث، فأمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإحالة 190 موقوفاً في الاشتباكات على محاكمة عسكرية، فيما تعهدت الحكومة «الضرب بيد من حديد على مثيري الفتنة».
وأرجأت الحكومة جولة خليجية كان مقرراً أن يقوم بها أمس رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف، وأعلنت أنها «في انعقاد مستمر إلى حين استقرار الأوضاع»، فيما دعا المجلس العسكري المصريين بمختلف انتماءاتهم إلى «التصدي لدعاة الظلام». وتعهد «تطبيقاً صارماً للقانون على مثيري الشغب وتوقيع عقوبات مشددة عليهم».
ودانت قوى سياسية، بينها «الإخوان المسلمون»، الأحداث. وشددت على «ضرورة التوحد في مواجهة الفتن الطائفية». وأظهرت الأحداث أن الثورة المصرية أمام تحدي الاستمرار في مواجهة اشتعال الفتنة الطائفية بين الحين والآخر، ما يضع المجلس العسكري والحكومة الانتقالية في مأزق.
وكانت الأحداث بدأت في وقت متقدم من مساء أول من أمس، حين حاصر مئات السلفيين كنيسة مار مينا في امبابة، إثر إشاعة عن احتجاز شابة قبطية تدعى عبير طلعت خيري (25 سنة) تردد أنها أشهرت إسلامها. وأثار التجمهر الذعر لدى الأقباط المجاورين للكنيسة وداخلها، فبدأوا في التجمع ظناً منهم أن المسلمين سيقتحمون الكنيسة.
وبدأت الاحتكاكات بين الطرفين وجرى تبادل لإطلاق النار وإلقاء الزجاجات الحارقة ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، واشتعال بعض المنازل المجاورة للكنيسة. وتضاربت الروايات بين سكان امبابة عن مسؤولية البدء بأعمال العنف، واتهم مسلمون أقباطاً ببدء إطلاق النار من منازل مجاورة للكنيسة، لكن مسيحيين نفوا تلك الرواية وأكدوا أن مسلمين بدأوا في إلقاء الزجاجات الحارقة والحجارة على المنازل والكنيسة، ما أدى إلى إضرام النار في بعض ممتلكات الأقباط.
وأشار شهود إلى أن قوات الجيش بادرت بإطلاق النار في الهواء لتفريق الجانبين، قبل أن تفرض حظر تجول في شارع الأقصر حيث مسرح الأحداث حتى صباح اليوم. وأكد شاهد لـ «الحياة» أنه «بعد تفريق الجيش المتظاهرين من الجانبين أمام كنيسة مار مينا في شارع الأقصر، توجه متجمهرون إلى شارع الوحدة العربية حيث تقع كنيسة العذراء، وأضرموا النار في الكنيسة».
وكثفت قوات الجيش انتشارها حول كنيسة مار مينا وبدأت بتحذير المتجمهرين عبر مكبرات الصوت من أن كل من سيبقى في الشارع سيطبق عليه قانون البلطجة، وسيحاكم أمام القضاء العسكري، كما انتشرت قوات من الجيش والشرطة في شكل كثيف حول كل الكنائس في امبابة وجرى فرض طوق أمني عليها، وتوقفت الحياة تماماً في المنطقة حيث أغلقت جميع المحال التجارية أبوابها، ولم يشاهد إلا عدد قليل من المارة، رغم أن المنطقة تكتظ بالسكان.
وتظاهر مئات الأقباط أمس أمام دار القضاء العالي في وسط القاهرة احتجاجاً على الحادث. ووقعت اشتباكات بين المتظاهرين وسكان عندما سعى الأقباط إلى قطع الطريق، فيما أعلن آلاف الأقباط اعتصاماً مفتوحاً أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون. وتظاهر مئات آخرون أمام السفارة الأميركية.
وحمّل أقباط التيار السلفي مسؤولية الأحداث، فيما قالت جماعة «الدعوة السلفية» في بيان إن «الكنيسة القبطية تسعى إلى تفجير البلاد». وطالبت بمثول كاميليا شحاتة، وهي زوجة قس تردد أنها أسلمت وسلمتها الدولة إلى الكنيسة، أمام النيابة العامة، مشككة في مقابلة أذاعتها قناة قبطية مع شحاتة أكدت فيها أنها لم تغير دينها. وحمل البيان الأقباط مسؤولية أحداث امبابة، مؤكداً أن الأقباط «داخل الكنيسة هم من بدأوا في استهداف المسلمين المتجمهرين حولها». وأعلنت الكنيسة الحداد لمدة 3 أيام.