خالد سعيد
ما زال الجدل محتدما حول مقتل الشاب السكندري خالد سعيد لدى إلقاء القبض عليه من داخل أحد الكازينوهات بمنطقة سيدي جابر على أيدي شرطيين سريين قاما بتوقيفه، خصوصا بعد تضارب الروايات التي قدمتها الشرطة التي قالت في بداية الحادثة أنه فر مذعورا من المخبرين فصدمته سيارة.
وفي رواية أخرى قال بيان وزارة الداخلية أن الشاب القتيل قام بابتلاع لفافة من مخدر البانجو فأصيب باسفكسيا الاختناق، وذلك بحسب تقرير الطب الشرعي حسبما جاء في بيان الداخلية.
في حين أكد شهود العيان، بمن فيهم صاحب "الكافيه" والجيران، أن الضحية تعرض لضرب مبرح داخل الكازينو وحين اعترض صاحب المحل بسبب ذعر الزبائن اقتاده الشرطيان إلى مدخل عمارة ملاصقة للمقهى وأخذوا يرطمون رأسه بطريقة وحشية في "الحيطة" وحين فقد الوعي تركاه وفرا هاربين إلى أن تصادف دخول أحد الأطباء القاطنين للعمارة والذي قام بمعاينة الجثة فأدرك وفاته.
كما تضمن تقرير الأمن سرد سجل أسود للقتيل مثل تهربه من أداء الخدمة العسكرية وإدمانه تعاطي المخدرات واتهامه بأربع قضايا سابقة، في حين أثبتت شهادة المقربين له عدم صحة هذه المعلومات المغلوطة تماما حيث أنه أدى الخدمة العسكرية ولم يكن مدخنا من الأساس ولم يتهم في أي قضايا من قبل، مما أثار الشكوك في دقة التحريات المقدمة.
خالد سعيد
وبسبب تضارب الروايتين وارتفاع نبرات الاحتجاج على ما اعتبره البعض تلفيق برواية الشرطة، أمر المستشار عبد المجيد محمود النائب العام المصري باستخراج الجثة وإعادة تشريحها لبيان الأسباب الحقيقية لحدوث الوفاة.
حيث اندلعت تظاهرات جماهيرية حاشدة بمنطقة سيدي جابر وانتقلت إلى باقي المحافظات وانضم إليها مدافعون عن حقوق الإنسان وبرلمانيون طالبوا بمحاكمة المسئول الحقيقي عن ارتكاب الجريمة، فيما قامت الدنيا ولم تقعد على صفحات الإنترنت.
حيث اعتبره الناشطون رمزا لانتهاك حقوق الإنسان في مصر وأطلقوا عليه لقب شهيد الطوارئ وبرزت صورته على الصفحات الرئيسية لموقع الفيس بوك الاجتماعي واسع الانتشار، فيما طالب الآلاف بإقالة اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية.
ولم يتوقف الجدل على حالة الغليان بالداخل وإنما انتقلت لتلقي بظلالها على الخارج أيضا، فقد عبرت الخارجية الأمريكية عن قلق الولايات المتحدة حيال الملابسات الغامضة التي صاحبت وفاة الشاب خالد الذي يعتقد أن الشرطة المصرية ضربته حتى الموت، وأجرت اتصالا في هذا الصدد بالحكومة المصرية.
وفى تطور سريع للأحداث انتقل أمس المستشار أحمد عمر رئيس نيابات استئناف الإسكندرية، لإجراء المعاينة الواقعية، وأخذ أقوال شهود عيان واقعة الاعتداء، وذلك بعد مرور 8 أيام من حدوثها.
واستمعت نيابة استئناف الإسكندرية مساء أمس الأول لأقوال كل من حسن مصباح ونجله هيثم أصحاب "السايبر"، وسالم حسن الوحش "طالب بكلية الحقوق"، ومحمد البواب وزوجته، وكمال الخضري"صاحب محل خضراوات"، وخالد الذي يعمل بالمقهى الكائن أمام الواقعة، والذين أكدوا أن وفاة المجني عليه جاءت نتيجة اعتداء مخبري قسم سيدي جابر بمدخل العقار المجاور لمحل الانترنت الذي تم سحله من داخله.
تظاهر 3 الاف فى الاسكندرية احتجاجا على مقتل خالد سعيد
وجاءت الأقوال الجديدة لعامل المشرحة لتنفى تماما وجود أي إصابات ظاهرية في وجه المجني عليه عكس ما أدلى به في تحقيقات نيابة سيدي جابر، وذلك برغم آثار التعذيب البشعة التي تظهر على صورة الضحية والتي لا يمكن أن يصدق أحد أنها ناجمة عن تشريح الجثة بمعرفة الطب الشرعي أو ابتلاعه لفافة المخدرات.
وبحسب ما نشرته صحيفة الشروق المصرية المستقلة فقد رفض د. أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب طلب نواب ينتمون للتيار الإخواني وعدد من نواب المعارضة إدراج مقتل سعيد على جدول أعمال المجلس، معللا ذلك بأن النيابة تحقق في الموضوع و"لا يمكن أن يتدخل مجلس الشعب فيه الآن".
بينما قال وزير الشئون القانونية والمجلس النيابية مفيد شهاب إنه ليس من الصواب "القفز إلى نتائج قبل انتهاء النيابة العامة، لا يمكن الاعتماد على روايات متناقضة".
وتساءل شهاب: "ما علاقة قانون الطوارئ بهذا الموضوع؟ مخبر ضرب واحد"، مؤكدا أن الحكومة تتعهد باحترام نتائج التحقيقات.