أسئلة أعداء الثورة و إجاباتها النموذجية
اعتاد المنتفعون من النظام
المصري المخلوع المطبلون له و المدافعون عنه أن يروجوا لحفنة من الأكاذيب و
الأسئلة الساذجة للتشكيك في الثورة و الطعن فيها ، مصرين في ذلك على تجاهل
الصور الحية التي إلتقطتها وسائل الإعلام في العالم كله و التي لا
يتجاهلها سوى أنصار مبارك الذين لا يشاهدون إلا القنوات الحكومية و القنوات
التابعة لرجال الأعمال المنتفعين من بقاء النظام و المنافقين له...
و هنا نطرح هذه الأسئلة و إجاباتها البديهية جداً
التي نفترض بحسن نية أنها قد تكون غائبة عن أولئك المطبلين أو المتعاطفين
للنظام "المخلوع" و فاقد الشرعية القانونية
.
بالرغم من أن أغلب الشبهات التي أثارها الإعلام
المصري و يروجها من أسمهيهم "أعداء الثورة" قد سقطت دفعة واحدة ، إن لم يكن
بمناقضتها الصارخة للواقع المعاش المرئي فبشهادة المستقيلين من الجهاز
المسن إحتجاجاً على سياسة التشويه و التعتيم التي تنتهجها أجهزة الإعلام و
التي كان آخرها فضيحة "شيماء" الشهيرة و التي لم تستغرق وقتاً طويلاً
لتنكشف عورتها و تبين أنها تعمل في جريدة سمير رجب.
المستقيلون من التلفزيون المصري: أسامة الشيخ
(رئيس الإتحاد) ، شهيرة أمين (نائبة المدير العام لقنوات النيل) ، سها
النقاش (مذيعة) ، هالة فهمي (مذيعة) ، أجمعوا على أن هناك سياسة متعمدة
لتشويه صورة الثورة المصرية و التعتيم عليها ، و لم يكن أفضح من عرض القناة
الفضائية المصرية لصورة مظلمة تماماً لميدان التحرير كتب عليها "مباشر" في
عز الظهر.
الجزء الأول: أجندات ... كنتاكي ... و يورو ... و إخوان
اصبحت جملة "الأجندات الخارجية" علكة رخيصة في
أفواه كل أنصار النظام و السذج المخدوعين بهم منذ انطلقت من فهم المخابراتي
الأمريكي "عمر سليمان" الذي يشغل الآن منصب نائب رئيس الجمهورية ، ساعد
على ذلك تأرجح المواقف الأمريكية و الأوروبية بين اندلاع تظاهرات مؤيدة
للثورة في الكثير من بلدان العالم و أغلبها ليست لديها أية مصالح مع أو ضد
النظام المصري على الإطلاق، و ختاماً بخطبة خامئني الذي أراد – طبقاً
للعادة الشيعية القديمة – المزايدة على المواقف الوطنية للشعوب و الإتجار
بها لتحقيق مصلحة داخلية أو لمجرد التشفي في أنظمة معادية له.
و يكفي أن ننظر إلى تضارب الإتهامات التي تأتي من نفس المصدر لنعرف أنها إتهامات ساقطة و استخفاف فادح بعقول المصريين.
و هنا يحق لنا أن نطرح تساؤلاً أظنه مهماً ، و هو
: ما هي الجهات صاحبة المصلحة في سقوط نظام مبارك ؟ المباركيون يقولون
أمريكا و إسرائيل ، و لا سند يؤيدهم في الحقيقة ، فلطالمنا كان مبارك
حليفاً استراتيجياً لأمريكا و سنداً و معيناً لإسرائيل التي لا زالت تعلن
على الملأ تأييدها لنظام مبارك و أن سقوطه خطر عليها.
إذاً .. لماذا تخلت أمريكا عن مبارك و هو حليفها
الإستراتيجي و خادمها المخلص ؟ الإجابة أوضح من الشمس في رابعة النهار ..
حتى لمن يريد أن يتجاهلها .. و هي أن الإدارة الأمريكية اطمأنت بعد تعيين
عمر سليمان نائباً لمبارك ، و هو لا يختلف عن مبارك إلا في إسمه ... لذلك
فقد أصبح مناسباً للإدارة الأمريكية إرتداء مسوح "انصار الديموقراطية" من
جديد و قد اطمأنت أن وجود سليمان كفيل بعدم تمكين أي فكر إسلامي أو حتى
قومي من الوصول إلى سدة الحكم .. و بمقدور أمريكا أن تصنع من سليمان ما
صنعته من مبارك بعد اغتيال السادات ليلتف على الدستور و يصبح رئيساً
للبلاد. و بذلك تكتسب الإدارة الأمريكية مزيداً من الدعم الشعبي الذي بدأت
تفقده تدريجياً في ظل السلبية المفرطة لنظام أوباما و تراجع شعبيته.
ماذا عن إيران ؟ سؤال ساذج .. و هل مجرد خطبة
لخامئني تعني أن إيران لها يد في الثورة المصرية ؟ الإيرانيون يدسون أنوفهم
فيما يخصهم وما لا يخصهم طوال الوقت .. و ليس خافياً على أحد أن إيران
تعلن تأييدها دائماً للمقاومة الفلسطينية (رغم العلاقات العسكرية و
السياسية الحميمية المتينة و القديمة بين إيران و إسرائيل و توافر المصلحة
المشتركة لكليهما في القضاء على الإسلام السني) .. فهل يعني ذلك أن القضية
الفلسطينية أو المقاومة الفلسطينية تحمل أجندة إيرانية ؟
و لماذا اخترنا الأجندة الإيرانية تحديداً دون كل
الأجندات التي أيدت الثورة المصرية ؟ لماذا لم نقل أجندة فنزويلية أو
برازيلية أو يابانية أو اسبانية أو حتى تونسية ؟
الإجابة الواضحة .. لأن الأجندة الإيرانية ذات
رائحة كريهة في الشارع المصري ... فلو قلنا "أجندة يابانية" فربما يحبذها
المعارضون أملاً في الوصول إلى نقطة في بحر التطور التكنولوجي الياباني ...
أو ربما طمعاً في تذوق السوشي الذي لا نعرف ما هو بالتحديد.
في الجهة المقابلة يغفل الجميع الأجندة و
الأجندات الإسرائيلية التي يحملها نظام مبارك، و خاصة أن إسرائيل كانت أول
من تضامن بشكل معلن و فاضح مع مبارك و نظامه و أبدى إنزعاجه الشديد من
إحتمال زواله ؟ لماذا نغفل الحرص الإسرائيلي على بقاء النظام الذي أمن لها
الإلتزام بمعاهدة كامب ديفيد المهينة و المجحفة للعرب طوال ثلاثين عاماً ، و
دعم جهودها في إجهاض المقاومة الفلسطينة حصاراً و تصفية.
من
أطرف الإتهامات التي وجهت للثورة حتى الآن إتهامها بأنها مأجورة من جهات
خارجية تقدم دعماً مالياً و غذائياً للمتظاهرين ، و الذين ينتمي أغلبهم
للطبقة المتوسطة التي كادت أن تتلاشى.
و مرة أخرى أسأل أصحاب هذه
النظرية المضحكة ... هل يمكن أن يقدم شخص حياته فداء لوجبة كنتاكي و خمسين
يورو ؟ قد يكون هذا الكلام مناسباً لبلطجية الحزب الوثني فهم معتدون لا
مقاومون .. وأسوأ إحتمالاتهم أن يتم القبض عليهم .. و كانت بطاقات الأمن و
الحزب الوطني جاهزة في جيوبهم للتصدي لهذا الإحتمال .. بينما كان
المتظاهرون يدافعون باستخدام الأدوات المتاحة في الميدان ، و أكدت شهادات
الأطباء الميدانيين أن كل المصابين بإصابات محدودة كانوا يعودون للميدان من
جديد فور تلقي الإسعافات الأولية .. فهل يمكن أن يفعل ذلك أي إنسان عاقل
في الكرة الأرضية مقابل خمسين يورو و وجبة كنتاكي ؟
و ماذا عن الأجانب الذين ألقي القبض عليهم ؟
الأجانب الذين ألقي القبض عليهم أغلبهم مراسلون لقنوات فضائية أو أشخاص
عاديون "سائحون" تواجدوا قرب المكان للتوثيق الشخصي أو الإعراب عن التضامن ،
و هذا ليس مدعاة للإتهام ... فالأجانب موجودون في مصر على مدار العام و
لا يوجد من أو ما يمنع تواجدهم في البلاد ... و لا يمكن أن نصف تعاطف أي
شخص مهما كانت جنسيته مع شباب عزل يطالبون بحريتهم و أمانهم أنه تحريض.
و مرة أخرى نعود للسؤال القديم ؟ أذكر إسم دولة
واحدة مستفيدة من سقوط نظام مبارك ؟؟ الإجابة الوحيدة : لا يوجد ، فلا قطر
لديها مصلحة ولا حتى إيران رغم العداوة القائمة بين النظامين المصري "ساقط
الشرعية" و الإيراني ، فإيران غير مستفيدة من سقوط نظام مبارك ، على العكس
فنظام مبارك قدم دعماً كبيراً للنظام الإيراني باستضافته لقنوات الدعوة
الرافضية على أقماره الصناعية و حجب القنوات الإسلامية "السنية" التي تنتقد
المذهب الرافضي "الشيعي". و خلاصة علاقة العداوة بين الطرفين هي
المشاحانات الكلامية و الميكرفونية بين الطرفين و تبادل السباب و
الإتهامات.
طيب .. أليست إيران صاحبة مصلحة في استيلاء الإخوان المسلمين على الحكم في مصر ؟
نعم توجد علاقات لا تخفى على أحد بين الإخوان
المسلمين و إيران ، لكنها في النهاية تبقى علاقات نفعية بحتة ، فالإخوان
المسلمون ما زالوا سنة و إيران ما زالت رافضية ، و الخلاف الأيديولوجي
بينهما أعمق من أن يتم تجاوزه بهذا الشكل.
ثم .. أين هم الإخوان المسلمون في مشهد الثورة ؟
لا يمكن لمن يتابع تظاهرات الثورة أن يدعي ذلك إلا و هو يوقن بكذبه ،
فالإخوان المسلمون مؤسسياً غير حاضرين في المشهد الثوري الحالي و تواجدهم
ضمن الثورة هو تواجد محدود و فردي و إلا لشاهدنا أكثر من 12 مليون متظاهر
على الأقل في بر مصر ، حيث لا يقل تعداد الإخوان المسلمين عن 5 مليون نسمة
حالياً ، و بدا و اضحاً أن قيادة الإخوان المسلمين منفصلة إلى حد واضح عن
مطالبات الثورة التي ضمت كذلك مسيحيين و علمانيين و مسلمين عاديين لا
ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين و ربما لا يتعاطفون معها كذلك، و تكفينا
نظرة سريعة في وجوه المتظاهرين لنعرف مدى سذاجة و سطحية أصحاب هذا الإدعاء.