تضخمت ظاهرة الزواج العرفي بالجزائر خلال الفترة الماضية بسبب التعديلات على قانون الأسرة والتي نصت على ضرورة موافقة الزوجة الأولى عند الزواج مرة ثانية, خاصة أن أئمة المساجد التزموا بتوصيات السلطات بعدم عقد زواج شرعي أو قراءة الفاتحة كتعبير عن إتمام الزواج إلا في حالة وجود عقد زواج مدني موثق.
وكانت الحكومة الجزائرية قد أصدرت تعديلات قانون الأسرة عام 2005 ثم تبعته بضوابط لتوثيق العقود, وهو ما اعتبره البعض "علمنة للزواج", بسبب جملة المشاكل الناتجة عن عدم توثيق الزواج، ومنها عدم اعتراف الزوج بنسب ابن له، وكذلك تهرب بعض الأزواج من تحمل النفقة بعد الطلاق.
إجبارية العقد المدني
وكانت وزارة الشؤون الدينية قد أصدرت قبل حوالي شهرين تعليمات صارمة للأئمة بعدم قراءة الفاتحة في أي عقد زواج ما لم يحضر الزوجان وثيقة ممضاة من مصالح البلدية تؤكد تسجيل هذا الزواج الجديد في سجلات الحالة المدنية. وقد بررت الوزارة على لسان وزير القطاع بوعبد الله غلام الله، قرار إلزامية العقد المدني قبل العقد الشرعي بجملة المشاكل الناتجة عن عدم توثيق الزواج، ومنها عدم اعتراف الزوج بنسب ابنه له، وكذلك تهرب بعض الأزواج من تحمل النفقة بعد تطليق زوجاتهن.
وحسب إحصائيات وزارة الشؤون الدينية فإن أئمة المساجد يعقدون سنويا ما يربو عن 2.3 مليون عقد شرعي، بينما تستمر المحاكم في استقبال شكاوي زوجات ضحايا الزواج العرفي ممن يطلبن إثبات نسب أولادهن.
وبموازاة ذلك كشفت مصادر أمنية لـ" العربية نت" أن مخابرها تصلها عشرات الطلبات لإجراء اختبارات على الحمض النووي.
أنصار "الشرع قبل القانون"
أما المعارضون لقرار وزارة الشؤون الدينية، فيرون أن اشتراط العقد المدني قبل قراءة الفاتحة، وهو العقد الشرعي، هو "علمنة" للزواج في الجزائر.
ويقف في وجه هذا القرار كثيرون منهم الشيخ شمس الدين رئيس الجمعية الخيرية لتزويج الشباب "المحظورة"، الذي علق في إحدى مقالاته المنشورة بصحيفة جزائرية بالقول إن " تقديم العقد المدني على العقد الشرعي هو اعتداء على الدور الاجتماعي للإمام، بالقدر الذي يجعله يقوم فقط بمهمة إقامة الصلوات".
ويرى الشيخ عبد الرحمن شيبان رئيس جمعة العلماء المسلمين في تصريح لـ"العربية نت" أن " العقد الشرعي الذي يحترم شروط النكاح سابق للعقد المدني، وأن تسجيل العقد مدنيا ضامن لحقوق المرأة والأبناء ويأتي كداعم للعقد الشرعي".
عقبات جديدة
وبالموازاة مع هذا الجدل الدائر بشأن الزواج المدني والشرعي وفي ظل الصعوبات التي أنتجها تعديل قانون الأسرة عام 2005، فقد فضلت طائفة من الجزائريين اللجوء إلى الزواج العرفي، الذي لا تختلف أسباب انتشاره في المجتمع الجزائري عن غيره في المجتمعات العربية الأخرى، فبالإضافة إلى غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج مقابل انتشار فاحش للبطالة وانعدام السكن، هناك أسباب أخرى أفرزتها رغبة البعض في التعدد لكنهم يصطدمون بعوائق اجتماعية وقانونية.
محنة " الزوجة الثانية"
أما العوائق القانونية، فقد أفرزتها التعديلات التي أدخلها الرئيس بوتفليقة على قانون الأسرة الصادر عام 1984، وبموجب التعديلات الجديدة التي دخلت حيز التطبيق في مارس 2005، فقد أصبح لزاما على من يريد التعدد الحصول على موافقة الزوجة الأولى، كما أعطى المشرع الجزائري للقاضي سلطة تقديرية يستطيع بموجبها منع تسجيل الزوجة الثانية فما فوقها الدفتر العائلي، وهو الأمر الذي أثار حفيظة أنصار التعدد ودفع بأغلبهم إلى اختيار طريق الزواج العرفي لتجنب سبيل الحرام، كما يقولون.
وفي هذا الإطار يعتقد مسعود هدنة المقبل على الزواج، متحدثا لـ" العربية نت" أن "الزواج العرفي هو الحل الأول إذا ما واجهتني صعوبات قانونية تحول دون التعدد، ففي سبيل تجنب الحرام وإتيان الحلال تصبح كل الطرق الحلال مشروعة حتى وإن كان فيها تعد على القانون لأن القانون هو المخطئ في هذه الحالة".
منقــــــــــــــــــــــــــــــــــــول