"ولا تقتلوا أولادكم من إملاق، نحن نرزقكم وإياهم" صدق الله العظيم.. يبدو أن المشرع المصري لم يقرأ هذه الآية الكريمة التي وردت في سورة الأنعام والتي ينهانا فيها المولى جل وعلا من العادة الجاهلية التي كانت تتمثل في قتل الأبناء خشية الفقر، حين وافقت لجنة الصحة بمجلس الشعب على إقرار قانون يبيح إجهاض المرأة وتعقيمها في حالة المرض والفقر.
فقد رفض رجال الدين ما أقره المجلس بقانون يبيح أن تعقم المرأة خوفا من الفقر أو في حالة المرض، وأجمع العلماء على أنه هناك طرق أخرى لمواجهة كل من المرض والفقر، فتقول الدكتورة ماجدة محمود خزاع أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الدراسات العربية والإسلامية، أنه لايجوز شرعا بأي حال من الأحوال تعقيم المرأة خشية الفقر لأن الرزق بأمر الله يهبه لمن يشاء ويأخذه ممن يشاء ويقول الله تعالي " ولاتقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطأ كبيرا" وفي موضع أخر يقول جل وعلا " ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم".
وتواصل خزاع كلامها قائلة كم من فقير وأغناه الله وكم من غني وأصبح فقيرا ، وبالتالي لم يكن الفقر سببا نصل به لتعقيم المرأة، مضيفة أن ليس كل مرض يمكن أن يكون سببا في تعقيم المرأة وجعلها عاقم، فالأمراض التي يخشي فيها على حياة المرأة فقط هي التي تؤجل الإنجاب وليس التعقيم، وبالتالي فالتعقيم لايصح بأي حال من الأحوال ، وإذا كان هناك مرض شديد، فعلينا أن نؤجل الحمل، فمن يدري.. لعل الله يشفي ويذهب بالمرض ويجعلها قادرة على الحمل والولادة .
ويرفض الدكتور عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق هذا القانون قائلا " إن الأرزاق بيد الله، ولو لم يكن الله يضمن للمخلوق رزقه ومطعمه، لما أتى به إلى الدنيا من الأساس، فيقول الله تعالى " وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ "هود : 6 ، وفي موضع اخر " إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً" الإسراء : 30،ويقول الرسول الكريم " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً، وتروح بطاناً ".
ووصف الأطرش من يقدم على ذلك أو يدعو إليه بأنه يائس من رحمة الله وينطبق عليه قوله تعالى "ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم".
ورأت الدكتورة مهجة غالب أستاذ ورئيس قسم التفسير وعلوم القرآن أن هذا القانون يسعى إلى إبادة الجنس المسلم لأن من احدى الضروريات التي دعى إليها الدين الإسلامي هو حفظ النسل وقال عليه السلام "تناكحوا تكاثروا فأني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة" فالله عز وجل أوجدنا لتعمير الكون فماذا لو قامت حروب ضد الإسلام هل سينتهي الجنس المسلم، مضيفة اننا أوجدنا الله لتعمير الكون فيقول جل شأنه "وجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا" فكيف سيأتي التعارف ونحن نسعى لتعقيم المرأة .
وأوضحت غالب أنه حتى في حالات التي يمنع فيها المرأة من الحمل لمرض ما، فلا يجوز فيها تعقيم المرأة بأي حال من الأحوال، فيمكن أن تلجأ إلى وسائل منع الحمل لأن التعقيم مرفوض كليه في الشريعة الإسلامية.
ويذكر أن لجنة الصحة بمجلس الشعب أقرت أمس السبت مشروع قانون المسئولية الطبية الذي يبيح تعقيم المرأة أو اجهاضها لظروف الفقر أوالمرض، واشترطت المادة موافقة الزوجين وولي الزوجة في حالة تعذر الحصول علي موافقتها وكذلك موافقة لجنة طبية من 3 أطباء علي تقرير يثبت تشوه الجنين أو تعرض المرأة لأمراض من شأنها إصابة الأجنة بالتشوه، أو وصول المرأة إلى سن 40 سنة وتخشى تعرض الجنين للتشوه طبقاً لتقارير طبية.
ودافع الدكتور حمدي السيد رئيس اللجنة ونقيب الأطباء عن المادة مراعاة للظروف المعيشية الصعبة التي لا تساعد الأم علي تربية أولادها أو الانفاق عليهم طبقا لتقرير صادر من وحدة الشئون الاجتماعية، ووجود عدد كاف من الأبناء.