وفر علينا قيام الكيان الصهيونى فى فلسطين بأعمال الهدم والحفر والاغتصاب فى محيط القدس الشريف ، وفر علينا مشقة البحث عن تفاصيل الجزئيات وجزئيات التفاصيل ، لتأكيد عدة حقائق غائبه عن ذهن العرب ،وللأسف الشديد فقد ساهم الاعلام العربي الذي يتناول المشكلة بشكل سطحي ، ساهم فى طمس الحقيقةوتشويش الصورة وتلويث أهدافها ، حتى بدأت كأنها جزء من الاعمال اليوميه لأي غاصب لأرض شعب آخر ،والحق يقال فإن الصورة ليست واضحة تماما حتى أمام بعض الساسه العرب أنفسهم ، وينسجم قيام الصهاينه بالحفريات تحت المسجد الاقصى وكذلك الاستحواذ الميراثى ، ووضع اليد على الحرم الابراهيمى والمحاولات الدائمه والمستمره لتدمير مسجدى الصخرة والقبه ، ينسجم تماما مع (العقيدة التلموديه) لليهود المتعصبين ،ومع اليمين الدينى المتطرف فى الغرب نفسه ، ذلك أن نظرية (عودة المسيح) التى يزعمها التلموديين ( نسبة الى التلمود) والتى تعود (لرؤية النبى دانيال) تتأسس على ضرورة تهيئة المناخ للعودة ، فالمسيح ذهب حين كان العالم تحكمه أربع قوى رئيسه (الدولة البابليه والفارسيه والرومانيه والحبشيه) ، كما أن أرض بيتالمقدس (مربط الفرس) كانت تحت الادارة الرومانيه ، ولعودة المسيح ينبغى إعادة هذه الخارطه وإحيائها وبعثها من جديد وبناء هيكل الرب ، كي يبعث الله السيد المسيح (كما يقولون) ، لذلك كان حلم هؤلاء التلموديين دائما السيطره على هذه المنطقه والتى هى الآن العراق وإيران وكل جزيرة العرب وكل المنطقة التى كانت تحت لواء الإمبراطورية الرومانيه (شمال أفريقيا وجنوب اوروبا) ولعلنا نشاهد الآن ما يحدث فى العراق وما يحدث فى القرن الافريقى ، ومن هنا نفهم الرفض الليبي القوى والتاريخى والمهم لفكرة تجمع دول بقايا الامبراطورية الرومانيه وهو ما يجسده (مشروع الاورو متوسطى) ، والرفض الليبي يعكس فطنه للتاريخ وتصدى حقيقى للأكاذيب والشعوذه السياسية ، وللحيلولة دون سيطرة روح الاساطير والخيالات على مقدرات الشعوب ، وجاء الرفض لتحرير السياسة من عقد الماضى التى لا تستند على حقائق منطقيه أو نصوص مقدسه ، ولعله من المؤسف له حقا أن يتغاضى المسيحيون على نص فى الانجيل قاله المسيح عليه السلام ومفادة أن بيت الله ليس كما يزعم اليهود فى فلسطين بل إنه فى الكعبة ، وإن أطروحة اليهود تكذبها كتب الاناجيل ، فلماذا يصمت المسيحيون ولا يقولون الحقيقة ؟ وهم يشاهدون تخريب بيت المقدس وتهويد حرمات المسلمين وإغتصاب حقوق شعب أما العالم ، تحت حجج كاذبه ، ألم يقرأ المسيحيون فى كتبهم ما قاله المسيح عليه السلام حين قال مخاطبا الجميع وموجها كلامه للجميع وهو يشير الى ما يسمونه بالهيكل المزعوم : (سوف يأتى وقتا لا يبقى من هذا المبنى حجرا على حجر ، وسوف ينقض حجرا حجرا) ؟ ، فكيف يشاهد المسيحيون تكذيب قول المسيح ولا يقولون كلمة واحده ؟ ، كيف سيواجهون عقيدتهم ويقبلون بزعزعة مشينة لمصداقية اقوال المسيح حينيرون الصهاينه وهم يحاولون تكذيب نبوءة السيد المسيح ، ثم إن المسيحيين يعرفون إنه لا وجود للهيكل ولبيت الرب بجبل فلسطين ، ففى الإصحاح السادس من انجيل لوقا ومن أناجيل أخرى ، سألت إمرأة سامرية المسيحبن مريم عليه السلام فقالت : قل لى يا سيدى ، اليهود العبرانيين يسجدون هناك (إشارة الى جبل فى القدس)واليهود العبرانيون يسجدون هنا فى (جبل جرزيم) بنابلس ، فأين نسجد لله ؟ فرد المسيح عليها : (يا إمرأة صدقينى إنه تأتى ساعة ليست فى هذا الجبل ولا فى اورشليم ، تسجدون للرب (الله) ، وهذه إشارة من المسيح إلى ان السجود سيكون حين بعث نبى الاسلام محمد صلى الله عليه وسلم فى مكان آخر وهو بيت الله الكعبة ،وفى الاصحاح السابع من (أعمال الرسل) نقرأ حين زعم اليهود إن للرب مسكنا ينبغى تهيئته وكانوا يأخذون القرابين والاموال من الناس تحت زعم بناء الهيكل للرب ليسكنه الله ، فيتساءل المسيح عليه السلام باستغراب، فى الاصحاح السابع العدد ثمانية وأربعين : لكن العلي (الله) لا يسكن في هياكل مصنوعه من الايادي ،فالسماء كرسيه والارض ، وكل الكون خلقه ، ويتساءل المسيح بمرارة : اي بيت تبنون له يقول الرب و اين هو مكان راحته ؟ ، أليس الله هو من صنع كل شىء ؟ ثم يخاطب المسيح عليه السلام اليهود بقوة فى العدد الحادى والخمسون : يا قساة الرقاب و غير المختونين بالقلوب و الآذان ، انتم دائما تقاومون الروح القدس كما كان اباؤكم كذلك انتم .
فلماذا لا يقول المسيحيون ما يعرفونه ويؤمنون به إن كانوا يؤمنون بالمسيح فعلا ؟ فكيف يقبلون ما يفعله اليهود من اعمال ؟ ، ففى رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية وفى الاصحاح الثالث الاعداد من الرابع عشر الى الثامن عشر يقول بطرس الرسول عن اليهود :
(فمهم مملوء لعنة و مرارة ، ارجلهم سريعة الى سفك الدم ، في طرقهم اغتصاب و سحق ، و طريق السلام لميعرفوه ، ليس خوف الله قدام عيونهم لأنهم لا يخافون الله) ، فلماذا يصمت المسيحيون ولا يقولون الحقيقة ؟ ،ورغم علمنا وعلم أهل الكتاب أن بيت الله ليس فى مكان آخر غير الكعبة ولا يوجد بيت الله إلا فى المسجد الحرام ، والغريب رغم أن اليهود يعودون الى نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام إلا أنهم لا يمتثلون ولايؤمنون بخطواته وأوامره وما جاء به من شرع سماوى ، ومع ان اليهود كما قلت يعودون الى ابراهيم عليه السلام لانه أباهم وابانا من جهتى اسحاق واسماعيل عليهم السلام جميعا ، إلا انهم تناسوا الكعبه بيت الله التى عرفها الله لإبراهيم الخليل، يقول الله فى كتابه العزيز : (وإذ بوأنا لابراهيم مكان البيت ان لا تشرك بى شيئاوطهر بيتى للطائفين والقائمين والركع السجود) سورة الحج الآية 26 ، ويقول كذلك : (واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم) الآية 127 من سورة البقرة ، فالمفترضاتصال دائم بلا انقطاع بين اليهود وبين المكان الذى أوضحه الله لرسوله إبراهيم (الكعبه) بيت الله ، خصوصا وان اجيالهم لم تخلوا من نبي الى مجىء المسيح عليه السلام ، فكيف تم الابتعاد عن قبلة الله الواحده ؟ هذا ماحرفه اليهود باتخاذهم بدائل ومزارات اخرى غير التى امر بها الله سبحانه وتعالى وتحريفهم لأقوال الله ،وبالمناسبة هناك إشارة الى بيت الله فى التوراة وتقول الاشارة (طوبى لأناس عزهم بك ، طرق بيتك فى قلوبهم، عابرين فى وادى البكاء) ووادى البكاء يعنى بكة (الكعبة) لدى الكثير من المفسرين ، حيث كان الناس يبكونكثيرا وهم فى حضرة بيت الله وفى الحج وفى الطواف ، ومن هنا نفهم أن ما يقوم به الصهاينه فى فلسطين المغتصبه ليس موجها ضد العرب المسلمين فقط ، بل وضد المسيحيين أنفسهم ، لأن زعزعة النص الدينى المسيحى يعنى زعزعة مصداقية المسيح عليه السلام ، ويعنى التلاعب بالدين وهو ما يشكل إستمرارا لنهج التحريف والكذب على الله ، (من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع ورعنا ليا بألسنتهم وطعنا فى الدين ولو انهم قالوا سمعنا واطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم واقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا ) النساء الاية 46 ، وقال الله : (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسيه يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم الا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح ان الله يحب المحسنين) من سورة المائدة الآية 13 ، ونشاهد بأم أعيينا كيفيزرع الصهاينه الفتن ويشعلون الحروب ، وهو ما تقوم به العصابات الصهيونيه بإستمرار (وقالت اليهود يد الله مغلوله غلت ايديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم ما انزل اليك من ربك طغياناً وكفرا والقينا بينهم العدواة والبغضاء الى يوم القيمه كلما اوقدوا نارا للحرب اطفأها الله ويسعون فى الارض فسادا والله لا يحب المفسدين) من سورة المائدة الآية 46 ، إن سياسة الجماهيرية العظمى تستند على الأعراف والتقاليد والدبلوماسيه الحقيقية المبنية على الحق وعلى الاحترام المتبادل وعدم الاعتداء ، وتستند على مسالة إحترام الدين وعدم التطاول على الانبياء والرسل الكرام ، وإحترام قدسية النص الدينى المنزل من الله ، وبالتالى فإن ما أقدمت عليه دول عدة مثل الدنمرك وسويسرا وبعض التصريحات المسيئة لروح الدين وتقاليد اتباعه من شأنها أن تعكر صفو العلاقات بين الشعوب وتزرع الكراهية والحقد مثلما تزرع دولة الصهاينه الحرب والحقد والدمار فى فلسطين .