مدون مصري شاب في قفص اتهام النيابة العسكرية
منظمات حقوقية تطالب بإسقاط التهم ضد المدون المصري الشاب
يتعرض مدون مصري شاب لمحاكمة عسكرية وهي الأولى من نوعها، وقد أثارت قلق المنظمات الحقوقية المصرية والدولية عن مآل حرية التعبير والصحافة في مصر وخصوصا عبر انترنيت حيث يتنامى تأثير المدونات بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.
أبدت هيئت حقوقية مصرية ودولية استغرابها من إحالة مدون مصري شاب على محكمة عسكرية ودعت لإسقاط جميع التهم المنسوبة إليه. وأحيل احمد عبد الفتاح مصطفى وهو مدون وطالب هندسة (20 عاما) على محكمة عسكرية في دلتا مصر بتهمة نشر أخبار كاذبة عن الكلية الحربية في مصر على مدونته .
وأعتقل مصطفى منذ أسبوع وبدأت محاكمته أمام محكمة عسكرية على خلفية مقال نشر على مدونته منذ سنة تضمن انتقادات لطريقة انتداب أحد الطلاب في الكلية الحربية. ويخشى مدونون ونشطاء حقوق الإنسان في مصر أن تكون محاكمة أحمد مصطفى "رسالة من الحكومة لإسكات المدونين" خصوصا وأنها المرة الأولى التي يحال فيها مدون أمام محكمة عسكرية.
أول مدون أمام محكمة عسكرية
قوانين الطوارئ والعقوبات تحاصر المدونات والصحافة
وتثير قصة أحمد مصطفى تساؤلات في أوساط المدونين ونشطاء حقوق الإنسان في مصر حول خلفيات محاكمته لاسيما وأن المقال الذي يحاكم على أساسه نشر منذ سنة على مدونته "ماذا أصابك يا وطن". ويُزعم من خلال المقال الذي يحمل عنوان "فضيحة في الكلية الحربية" أن طالبا أجبر على التخلي عن مقعده في الكلية الحربية واكتشف في وقت لاحق بأن إبعاده تم بهدف فسح المجال لابن شخصية ستدفع أموالا للكلية. وفوجئ مصطفى بعد سنة من نشر المقال بملاحقته من قبل المخابرات العسكرية وإخضاعه لتحقيقات حول خلفيات نشر المقال، ثم وجهت إليه النيابة العسكرية في كفر الشيح بدلتا مصر ثلاثة تهم "نشر أخبار كاذبة عن مؤسسة عسكرية" و"الإساءة للقوات المسلحة" و"العمل على زعزعة ثقة الشعب في القوات المسلحة" وذلك استنادا إلى قانون صدر عام 1956 وقانون العقوبات.
وقال رامي رؤوف وهو صاحب مدونة حول حقوق الإنسان في مصر في حوار مع دويتشه فيله أن الإجراءات الخاصة التي تجري فيها محاكمة مصطفى تثير القلق والتساؤلات لاسيما أنها المرة الأولى التي يحال فيها مدون على محاكمة عسكرية. وقد أبدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان "صدمتها من إحالة مواطن مدني وطالب في كلية الهندسة في مدينة كفر الشيخ على محاكمة عسكرية وعدم تمكين الدفاع من الإطلاع على التحقيقات".
من جهته قال جو ستورك نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش" أنه "يجب على الحكومة ألا تُقاضي أحمد مصطفى بالمرة - ناهيك عن محاكمته أمام محكمة عسكرية التي لا تتيح له فرصة لاستئناف الحُكم". وأضاف قائلا "بدلاً من النظر في المزاعم التي أعلنها، تحاول الحكومة إسكاته".
وطالبت "هيومن رايتس ووتش" الحكومة المصرية باحترام المواثيق الدولية التي صادقت عليها وضمنها وثيقتي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، اللتين تدعوان لحماية حرية التعبير وحماية الكتابة بغية كشف الفساد.
مدونون في مواجهة الخطوط الحمراء
المدونون المصريون في مواجهة المحرمات
وليست هذه المرة الأولى التي يحاكم فيها مدون في مصر، فهنالك مدونان يوجدان حاليا في حالة اعتقال بسبب قضايا نشر على انترنت، لكن قضية أحمد مصطفى هي الأولى تأخذ طابع محاكمة عسكرية، وهو ما يعتبره المدون والحقوقي رامي رؤوف "إشارة واضحة على مظاهر القمع التي يتعرض لها المدونون في مصر".
من جهتها قالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في بيان لها "يبدو أن الحكومة المصرية قد قررت توسيع الحرب ضد المدونين المنتقدين، لتصل إلى عقد المحاكمات العسكرية ضدهم". وبرأي رامي رؤوف فإن محاكمة مصطفى تكشف أن هنالك "خطوط حمراء يفرض على المدونين أن لا يتجاوزوها مثل الجيش والمؤسسات العسكرية والحياة الخاصة للرئيس حسني مبارك وقضية توريث الحكم ".
محاكمة مصطفى مؤشر سلبي
مصر ستشهد إنتخابات تشريعية هذا العام ورئاسية في العام المقبل
ويبدو أن الدور المتنامي في السنوات القليلة الأخيرة للمدونات في مصر وخصوصا منها التي تتناول قضايا "حساسة" بالنسبة لنظام الرئيس حسني مبارك، باتت تشكل مصدر إزعاج للسلطات وهو ما يفسر تعدد المحاكمات التي يتعرض لها المدونون. ويعتقد رؤوف رامي أن محاكمة مصطفى "مؤشر سلبي في ظل الأجواء السياسية التي تعيشها البلاد استعدادا للانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة" مشيرا إلى أن هذه الخطوة تتعارض مع تعهدات الحكومة المصرية بشأن التزامها باحترام حرية الصحافة وحقوق الإنسان خلال مداولات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وتقول الحكومة المصرية أنها تفسح مجال الحرية للمدونين وأنه يمكنهم انتقادها. وأكد مفيد شهاب وزير الدولة المصري للشؤون القانونية البرلمانية أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بأن مصر ستوقف العمل بقانون الطوارئ، لكن المجلس وخلال اجتماع عقده قبل أسبوعين في جينيف وخصص لدراسة أوضاع حقوق الإنسان في مصر، طالب الحكومة المصرية بإلغاء قانون الطوارئ الذي وضع عام 1981 إثر اغتيال الرئيس الأسبق محمد أنور السادات. كما دعت الولايات المتحدة الأميركية وحكومات أوروبية إلى الإفراج عن أصحاب المدونات والناشطين المعتقلين حاليا بمقتضى قانون الطوارئ وتوفير الشروط القانونية التي تضمن حرية التعبير والرأي قبل الانتخابات.