الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده /
توقفنا فى اللقاء السابق حينما تُوُفى ّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم ،
فاضطر أسامة ابن زيد أن يعسكر فى الجرف منتظرا ً أمر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ٍ الصديق
تُرى ما كان موقف أبى بكر ٍ ؟؟
تابع أبو بكر ٍ الصديق سياسة النبى ّ صلى الله عليه وسلم فى الفتوحات
فأنفذ أبو بكر رضي الله عنه بعث أسامة وأصرّ على ذلك ، وكان بعض الناس قد نصحه أن يستفيد من هذا الجيش في قتال المرتدين، لكنه أبى وأنفذ بعث أسامة،وقال
( والذي نفسي بيده لو ظننت أن السباع تأكلني بالمدينة لأنفذت هذا البعث
ولا بدأت بأول منه ورسول الله ينزل عليه الوحي من السماء يقول أنفذوا جيش أسامة)
وهنا تظهر الطاعة المطلقة والأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقد قادوا الدنيا بالسمع والطاعة ،
وتحقق من إنفاذه توجه نظره إلى توجيه جيش إسلامي كبير إلى الشام، ليس لقتال الروم فقط، بل لفتحها وإدخالها إلى الإسلام،
ودخلوا يُبنى مباغتة دون أن يشعر بهم أحد وأصابوا من الغنائم ورجعوا من حيث أتوا بعد نصرهم وقد كان لهذا الهجوم المباغت على «يبنا» أثر عظيم على الروم إذ ان (هرقل) جمع بطارقته وقواده في حمص بعد ما بلغه ما جرى من غارة أسامة على «يبنا».
وبعدها تم إعداد جيش من اثني عشر ألف مقاتل بإمرة خالد بن الوليد بعد أن انتهى دوره من قتال المرتدين، إلى بلاد فارس لفتحها
ولما فتح خالداً الحيرة أرسل خالد " شرحبيل بن حسنة"رضي الله عنه، لأبي بكرالصديق يهنئه بفتحها ، وبلَّغ أبا بكر الخبر، قال له كلمة عجيبة، إذ سأله: أتحدثك نفسك أن ترسل جيشًا إلى الشام ؟ فقال له نعم وتعجب لذلك أبو بكر ٍ حيث أنه لم يحدث بذلك أحداّ،ً وكانت هذه المرة الأولى التي يصرح فيها بفتح الشام،
ومن هنا كانت البداية لفتح بلاد الشام ، فجمع أبو بكر ٍ الناس وأمرهم بالتجهز لفتح الشام قائلا ً (فتجهزوا عباد الله إلى غزو الروم بالشام)
وفي رجب 12 هـ تبدأ فتوح الشام، بجيوش" خالد بن سعيد " ثم " يزيد بن أبي سفيان "، ، "ثم " شرحبيبل بن حسنة "والذى نزل بشمال الأردن ( فلسطين الآن ) ثم جيش "أبو عبيدة بن الجراح متتالية..
وبعد أن وصلت الجيوش الإسلامية إلى منطقة الأردن وسوريا جنوب دمشق بنحو 50 كلم، لم يحدث أي نوع من القتال
وتجمع جيش رومي قوامه 3 آلاف مقاتل من غزة، بقيادة ( سرجيوس)، أراد أن يلتف حول المسلمين من الخلف، حتى يفاجأهم، ويقطع المدد القادم من المدينة المنورة جنوبًا
، فاتجه إلى منطقة ( العربة ) جنوب البحر الميت، وكانت عيون المسلمين منتشرة في المكان،
فاستطاعت أن تنقل ما حدث إلى أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه،
فأمد جيش يزيد ( الذي كان قوامه 3 ألاف مقاتل ) بألف من المجاهدين ( من جيش شرحبيل بن حسنة )
فأصبح جيش يزيد 4 ألاف مقاتل، وأمره بالتوجه إلى العربة، قبل أن يتخطاها جيش ( سرجيوس)،
ودار بين الفريقين قتالٌ عنيف، وكان النصر- بفضل الله عز وجل - للمسلمين.
ولا تُّعدُّ هذه الموقعة من المواقع الكبرى في حروب المسلمين مع الروم،إذ إنها بين قوة إسلامية أكبر من قوة الروم
( 4 آلاف من المسلمين، يواجهون 3 آلاف من الروم ) وعلى الرغم من هزيمة جيش الروم فيها، إلا أنه لم يُقتل منه الكثير،
وفرَّ معظمه عائدًا إلى غزة، وفي اليوم التالي تتبع الجيش الإسلامي جيش الروم داخل الأراضي الفلسطينية،
فقابله جيش الروم في منطقة ( داثنة) شرق غزة، وحدث قتالٌ آخر، وانتصر فيه المسلمون أيضًا.،
وقتل من جيش الروم أحد قواده، وفرّ ( سرجيوس) إلى بيت المقدس، ثم إلى دمشق شمالاً.
وبعد انتصارالمسلمين في ( العربة ) و ( داثنة) عاد يزيد بن أبي سفيان بقواته إلى معسكره مرة أخرى.
وكانت العربة وداثنة أولى المعارك على أرض فلسطين ، ومن هنا بدأت الفتوحات فى فلسطين الحبيبة
في الوقت ذاته يصل المدد الذي أرسله أبو بكر الصديق رضي الله عنه
إلى جيشي يزيد و أبي عبيدة بقيادة عمرو بن العاص ، ثم يأتي مدد
وينضمون إلى جيش الروم، فزاد عدده مرة أخرى، وأرسل أبو عبيدة بذلك إلى الصديق طالبًا المدد..
**هزيمة المسلمين فى موقعة مَرْجُ الصُّفَّـر
و في الرابع من محرم عام 13هـ أخرج أبوعبيدة ابن الجراح خالداً بن سعيد
لقتال قوة قليلة متوجهة لأبى عبيدة ، فتسرع خالد رضي الله عنه في قتالهم،
( وهو لا يجيد التخطيط للحرب كما قال عنه عمر: "ضعيف التروءة " )
دون أن يحمي ظهره. فَعُدَّتْ هذه هزيمة لجيش المسلمين.، وهي أول هزيمة للمسلمين في الفتوحات بشكل عام....
وهنا ملمح مهم جداً >> وهو أن الشعب الصالح قديُهزم بسبب القائد وأيضا ً القائد الصالح المحنك الخبير قد يُهزَم لو لم يوجد معه شعب يحب النصر ، شعب مجاهد ، إذا ً هذه منظومة لا بد منها...
ومن هنا وبعد أن رأى أبو بكر ٍ الصديق هزيمة المسلمين وإرسال أبو عبيدة بطلب المدد
فكّر في إرسال خالد لقيادة قوات المسلمين في الشام، وكان عمر رضي الله عنه يرفض ذلك،
ويرى عزل خالد، حتى لا يقترن النصر في أذهان المسلمين بشخص خالد بن الوليد رضي الله عنه،
ولكن أبا بكر اتخذ قرارًا حاسمًا بنقل سيدنا خالد من العراق لقيادة جيوش المسلمين في الشام وقال: والله لأُنسينَّ الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد،
والله لا أشيم سيفًا سلَّه الله على الكفار.. فأرسل له رسالة بتعيينه أميرًا على جيش الشام...
**تحرك خالدٍ من العراق إلى الشام وفتح خمس قرى متتالية
تحرك خالد بجيشه 9 آلاف من الحيرة في صفر 13 هـ، إلى دمشق، متخذًا طريقًا وعرًا وسريعًا هو (صحراء السماوة )،
وبمجرد وصوله لأرض الشام، وقبل أن ينضم لجيوش المسلمين،
قام بفتح كل المدن التي واجهته، وكانت ( أرك ) و ( تدمر ) و ( القريتين ) و ( حوارييين )، ثم ( مرج راهط )،
فانتصر في خمس مواقع متتالية في شهر صفر من هذا العام المهم جدًا في فتح الشام ..
وأرسل خمُس الغنائم إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، كل ذلك ولم يصل حتى الآن إلى أبي عبيدة وجيش الشام...
وهنا توقف خالد عند مرج راهط ليحدد وجهته وقد صارأميراً على جيوش الشام
فأين يلتقى مع الجيوش الأربعة الأخرى ؟