عواصم - وكالات: ذكرت تقارير صحفية أن الجولة الخليجية المفاجئة التي بدأها الرئيس المصري حسني مبارك امس الاثنين بزيارة الامارات ويستكملها اليوم الثلاثاء بلقاء قمة مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في الرياض ثم ينتقل بعدها للكويت، جاءت بعد تلقيه رسالة من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد نقلها اليه رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني خلال استقبال مبارك له الاحد في القاهرة.
اضافت التقارير ان الأنباء عن جهود الوساطة المصرية بين إيران والدول الخليجية قد راجت بالتزامن مع حراك دبلوماسي كثيف تشهده العاصمة المصرية القاهرة هذه الأيام خاصة مع وجود رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي ووزير خارجيته هوشيار زيباري ووزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف، بالاضافة إلى لاريجاني.
وكانت صحيفة "المصري اليوم" ذكرت إن جولة مبارك الخليجية تقررت بعد تسلمه رسالة من نظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد نقلها لاريجاني. ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي مسؤول قوله إن مبارك سيناقش في جولته "مضمون مباحثاته مع لاريجاني". ورجحت أن تكون جولة مبارك مرتبطة بجهود للتهدئة في المنطقة وملفات المشروع النووي الإيراني والعلاقات مع العراق ودول الخليج.
في غضون ذلك، ذكرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية أن الرئيس الإيراني طالب القيادة المصرية، في رسالة حملها لاريجاني إلى مبارك، بتأييد الموقف الإيراني في ما يتعلق بأزمة البرنامج النووي الإيراني مع الغرب.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول مصري قوله، ان علاقات دول الخليج مع إيران جيدة، موضحاً أن القاهرة أبلغت طهران رفضها "أي محاولة لابتزاز العواصم الخليجية أو محاولة إجبارها على اتخاذ مواقف تتعارض مع مصالحها الوطنية".
واعترف المصدر بأنّ لاريجاني حمل عرضاً جديداً من نجاد لإعادة العلاقات المصرية الإيرانية فوراً، لكن مبارك "اشترط في المقابل قيام طهران بإزالة المعوّقات التي ترى القاهرة أنها لا تزال تحول دون عودة الأمور إلى مجراها الطبيعي بين الطرفين".
من جانبه، المتحدث باسم الرئاسة المصرية سليمان عواد أن مبارك قال للاريجاني إن "لإيران الحق في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، شأنها شأن كل الدول الأعضاء في معاهدة منع الانتشار النووي، ومنها مصر بالطبع، إلا أن الأمر يقتضى من إيران قدرا أكبر من المرونة تثبت من خلالها أن برنامجها النووي يركز فقط على الاستخدامات السلمية للطاقة النووية حتى يتجنب الشعب الإيراني والدولة الإيرانية مخاطر لا تحمد عقباها".
وكان لاريجاني قد اجتمع مع رئيس الاستخبارات المصرية اللواء عمر سليمان، وشددا على التاريخ الحضاري والإسلامي لكل من مصر وإيران. وطمأن المسؤول الإيراني إلى أن العلاقات بين البلدين "بإمكانها أن تساعد على إرساء الهدوء والأمن في المنطقة على نحو كبير".
في المقابل، نقلت وكالات الأنباء الإيرانية عن سليمان ارتياحه لزيارة لاريجاني، موضحة أنه ذكّر بأنّ "إيران ومصر تملكان قواسم مشتركة كثيرة، وإذا كان هناك خلاف فهو بسيط". وطمأن إلى استعداد بلاده "لأكبر قدر من التعاون في المجالين الاقتصادي والثقافي".
واعترف سليمان بأنّ "لدى بلدينا هدفاً مشتركاً في الشأن الفلسطيني، هو مساعدة الشعب الفلسطيني على تحقيق أهدافه، رغم أنه يحتمل وجود اختلاف في الأسلوب يمكن تسويته من خلال الحوار".
كذلك دعا سليمان إلى التعاون بين البلدين في مجال تبادل الزيارات بين التجار والعلماء والمفكرين الدينيين والجامعيين، مؤكداً أن مصر مستعدة لتقديم جميع أنواع التسهيلات في هذا المجال.
الأزمة العراقية الإيرانية كانت أيضا على رأس أولويات الدبلوماسية المصرية خاصة على خلفية دخول جنود إيرانيين إلى منطقة "الفكّة" الحدودية مع العراق في الأيام الماضية، قبل انسحابهم جزئياً منها "بفضل الدبلوماسية"، على حدّ تعبير وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، الذي رافق المالكي إلى القاهرة.
وبعد اجتماع المالكي وزيباري مع الرئيس مبارك، قال الوزير العراقي إن الجهود الدبلوماسية "نجحت في حلّ النزاع (مع إيران) في الوقت الراهن"، مشيراً إلى ضرورة أن تتولى اللجنة العراقية الإيرانية المشتركة مسألة ترسيم الحدود بين البلدين.
بدوره، كشف المالكي عن أنه "اتُّفق مع المسؤولين الإيرانيين على ضرورة ترسيم الحدود على نحو عملي من لجنة فنية مشتركة، وخصوصاً أن هذا الخلل نجم عن كون أن هذه البئر البترولية غير معروفة"، جازماً في الوقت نفسه، بأنها تقع داخل الأراضى العراقية.
جولة مبارك
وكان مبارك قد استهل جولته الخليجية امس بزيارة دولة الامارات العربية المتحدة، حيث كان في مقدمة مستقبليه رئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الامارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
ويرافق الرئيس المصري وفدا رفيع المستوى يضم كلاً من أحمد أبوالغيط وزير الخارجية، وأنس الفقي وزير الإعلام، ومحمود محيي الدين وزير الاستثمار، والوزير عمر سليمان رئيس المخابرات العامة، والدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية.
وقال عواد إن "مبارك استعرض خلال مشاوراته مع خليفة بن زايد، لقاءاته التي عقدها مؤخرا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ولاريجاني، بالإضافة إلى اتصالاته المكثفة من أجل دفع جهود السلام وتجنيب المنطقة مخاطر المواجهة الغربية الإيرانية بما تطرحه من سيناريوهات عديدة".
وأشار إلى أن "مشاورات مبارك في جولته الخليجية ستتطرق إلى الأوضاع في لبنان، معبرا عن تطلع مصر لتحقيق المزيد من الخطوات الإيجابية على الساحة اللبنانية على نحو يعزز التعايش والحوار بين كافة القوى السياسية في لبنان، كما يدعم لبنان الدولة ومسؤوليتها في تمثيل الشعب اللبناني بكافة طوائفه".
اضاف، أن الرئيس المصري سيتوجه اليوم الثلاثاء إلى الرياض، حيث سيلتقي الملك السعودي عبد الله، ومنها إلى الكويت. وأشار إلى أن المباحثات مع قادة هذه الدول تتمحور حول "الوضع العربي الراهن، وعملية السلام، وسبل تحقيق الوفاق الوطني الفلسطيني، والوضع في منطقة الخليج، والملف النووي الإيراني، والأوضاع في العراق والسودان ولبنان واليمن".
ونقلت صحيفة "عكاظ" السعودية عن مصادر سياسية عربية قولها إن الملك عبد الله سيبحث مع مبارك اليوم "ملف الحوار الفلسطيني بهدف الوصول إلى اتفاق المصالحة المرتقبة".
وأشارت مصادر دبلوماسية إلى أن "التقارب اللبناني السوري، على ضوء زيارة الحريري إلى دمشق، سيكون أحد المواضيع البارزة في قمة الرياض"، مؤكدة أن "الرياض والقاهرة حريصتان على تعزيز المصالحة والتضامن العربي، لمواجهة تحديات المرحلة الحالية، والتي تتطلب تعاضدا عربيا كبيرا".