أثينا – فيما يبدو كبداية لحرب إعلامية وسياسية جديدة بين تركيا واليونان، وجه رئيس أساقفة القسطنطينية برثلماوس الأول، انتقادات حادة للحكومة التركية بسب ما وصفه بأنها "معاملة من الدرجة الثانية" تلْقَاها الأقليات بتركيا، وخص الأقلية المسيحية قائلاً إنهم كـ"المصلوبين".
وأصدرت الخارجية اليونانية بيانا عقب هذه التصريحات، ذكرت فيه أنقرة بـ"الالتزامات التي قدمتها تركيا من أجل الانضمام للاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها احترام الحريات الدينية وحقوق الأقليات"، بينما أكدت الخارجية التركية رفضها لهذه الاتهامات.
وقال برثلماوس الأول، في مقتطفات من المقابلة التي أجرتها معه محطة تليفزيون "سي. بي. إس" الإخبارية الأمريكية، أذيعت الأحد 20-12-2009 "نحن (المسيحيين الأرثوذكس) نعامل معاملة مواطنين من الدرجة الثانية، ولا نشعر أننا نمارس حقوقنا الكاملة كمواطنين أتراك".
لكنه استبعد خيار مغادرة تركيا، قائلا: "نحن نفضل البقاء هنا.. إنها (تركيا) بالنسبة لنا امتداد للقدس، وتوازيها قداسة، حتى لو كنا نعامل كالمصلوبين في بعض الأحيان".
طالع أيضا
تركيا تحذر من "نادي مسيحيين" أوروبي
بابا الفاتيكان.. مجاملة أنقرة وإرضاء بروكسل
وبرثلماوس الأول هو زعيم طائفة الروم الأرثوذكس في تركيا، والبالغ عددهم حسب إحصاءات رسمية صدرت عام 2008 نحو ألفي شخص، من إجمالي تعداد السكان البالغ 72 مليون نسمة غالبيتهم الساحقة من المسلمين السنة، وهو كذلك الأب الروحي لحوالي 250 مليون مسيحي أرثوذكسي يتبعون الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية في مقدمتهم أرثوذكس اليونان.
واسمه الحقيقي ديمتريوس أرخوندونس، ولد في 29 فبراير 1940 في جزيرة إمبروس، وهي جزيرة في بحر إيجـه قريبة من مضيق الدردنيل، وتتبع تركيا، وتلقى دراسته في تركيا وإيطاليا وسويسرا وألمانيا، وترقى في المناصب الكهنوتية في المجمع المسكوني المقدس في تركيا، حتى صار عميدا له في عام 1990، وفي أكتوبر من عام 1991، اعتلى سدة البطريركية المسكونية.
بين تركيا واليونان
وفي رد فعل على كلام البطريرك، قالت وزارة الخارجية اليونانية إن على تركيا احترام الالتزامات التي قدمتها من أجل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها "أن تحترم الحريات الدينية، وحقوق الأقليات".
وقال المتحدث باسم الوزارة جريجوريس ديلافيروكاس في بيان: "إن البطريرك برثلماوس من الشخصيات المعروف عنها الحكمة والاعتدال في الأوساط الأوروبية، ومن واجب الجميع، خاصة أولئك المسئولين عن المجمع المسكوني والأقلية الأرثوذكسية في تركيا، إيلاء الاهتمام بالمشكلات التي طرحها البطريرك في كلامه".
وفي رد فوري رفض وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أي اتهامات بالتمييز الديني لحكومته، وقال للصحفيين في أنقرة: "تشبيه البطريرك لأوضاع المسيحيين الأرثوذكس بالمصلوبين، أمر مؤسف للغاية، وزلة لسان غير مرغوب فيها".
وكثيرا ما تتوتر العلاقات بين تركيا واليونان على خلفية مجموعة من القضايا السياسية، مثل أزمة جزيرة قبرص، وتعارض اليونان انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي ما لم تُحل مشكلة الجزيرة المقسمة بين البلدين منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي.
وتتخذ البطريركية الأرثوذكسية المسكونية مقرها في إستانبول منذ حقبة الإمبراطورية البيزنطية التي انهارت في العام 1453، مع الفتح العثماني الإسلامي لمناطق شرق أوروبا.