مصطلح جمهوريات الموز أطلقه أهل السياسة والصحافة على بعض دول أمريكا الوسطى والتي كانت تعتمد اقتصاديا على زراعة الفاكهة عموما والموز على وجه الخصوص وكان المشتري الحصري لإنتاجهم شركات زراعية امريكية ليست بعيدة عن دائرة صنع القرار الأمريكي, وحيث أن الدخل الوحيد لهذه الكيانات كان يأتي من الأمريكان فلكم أن تتصوروا حجم الارتهان المفروض على هذه الدول بل يتعدى الأمر كذلك الى استعلاء امريكي واستهانة بالغة بقادة تلك الجمهوريات فليس لهم الا أن يؤمروا فيطيعوا.
بعيدا عن أمريكا الوسطى فإننا نلاحظ جمهورية موز فلسطينية تنشأ في المقاطعة الزرقاء تحكمها ظروف مشابهة لتلك التي أفرزت جمهوريات الموز الأمريكية , البضاعة ليست فاكهة تباع وتشترى بل حقوق شعب عض عليها بالنواجذ وصبر منذ ما يزيد عن ستين سنة. لكن التشابه هنا هو في المشتري وليس في البضاعة, فحقوق الفلسطينيين هي البضاعة التي يريد الأمريكان شراءها لصالح الربيبة اسرائيل تماما كما اشتروا الموز في امريكا الوسطى.
المالكون لقرار المقاطعة ليسوا أكثر من تجار بل التعبير الأدق لوصفهم أنهم المقاولون في المقاطعة فهؤلاء ثلة ممن عصفت بهم الرياح قرب شراع قضيتنا وهم فتنة شاء الله سبحانه ان يصطفينا بالابتلاء بهم ويمتحن صبرنا عليهم.
في خضم الحرب على العراق قامت حكومة العدو الأمريكي بإحالة عطاء سحق الفلوجة لشركة امريكية اسمها " بلاك ووتر " وهي من الشركات المشهورة بسوء السمعة والقتل من أجل المال ويملك جزءا كبيرا منها حاخام الإرهاب الأمريكي المدعو ديك تشيني . هكذا أصبحت الحروب مقاولات وأضحى قتلنا وابادتنا من ضمن المواصفات المنصوص عليها تعاقديا.
الحال في المقاطعة ليس بأفضل , لكن شروط المناقصة تختلف قليلا , القتل في الفلوجة كان هو عين المادة المتعاقد على اتمامها اما في حالتنا فالقتل احدى الوسائل اضف الى ذلك الانتخابات والحصار ايضا , اما البضاعة فهي حقوق جميع الفلسطينيين في شتى بقاع الأرض والمطلوب مصادرتها لصالح المشتري في البيت الأبيض وتوريدها الى مستودعاته في تل الربيع وفي المقابل سيحصل البائع على المال الأسود وربما موقع الرياسة ليحمي نفسة وعصابته من انتقام الشعب حين ينفجر غاضبا.
يبدو ان المقاولين في عصابة المقاطعة في طريقهم الى التناحر بعد أن تأخر تسليم البضاعة ويبدوا ان دحلان يعد العدة ليتخلص من عباس ويتفرد في جمهورية الموز بنكهة دحلانية بعد ان استنفذت النكهة العباسية تأثيرها وفاحت منها رائحة النتن ويدل على ذلك ما ألقاه من تهم باتجاه حركة حماس زاعما انها تحرض على قتل عباس بل والأخطر من ذلك تهديدة للشعب المحاصر في غزة بحرب صهيونية جديدة على القطاع ما لم توقع حماس على المكيدة المصرية الجديدة المقدمة تحت عنوان ورقة المصالحة الفلسطينية.
المتابع للشأن الفلسطيني يلاحظ أن الأمور التي تقدمت تؤشر بقوة الى عناصر السيناريو الجديد الذي تتم دراسته في المطبخ الأمريكي دفعا لتبعات تقرير جولدستون على اسرائيل واحياءً للعملية التفاوضية على وقع اصوات جرافات العدو وهي تزيد من جرعة الاستيطان وقطعان المستوطنين وهي تهود القدس دون ان ننسى مشروع الاتفاق الذي أعدة المدعو ياسرعبد ربه مع يوسي بيلين والذي اسقط فيه حق العودة وكأنه يملكه.
لقد شبعنا ظلما وموتا وحصارا من جمهورية الموز العبسية ولا أظن ان عاقلا منا سيراهن على خير تأتي به جمهورية الموز الدحلانية.