بعد أيام من إعلان إيران استعدادها للاجتماع بالقوى الكبرى لإجراء محادثات بشأن برنامجها النووي ، خرج المعهد الدولي البريطانى للدراسات الاستراتيجية بتقرير مثير دعا خلاله إلى إشراك مصر والسعودية وتركيا في المفاوضات التي تجريها الدول الكبرى حول الملف النووي الإيراني على اعتبار أنها دول إقليمية لها تأثيرها على هذا الملف.
وجاء في التقرير "بخصوص التعامل مع الملف النووي الإيراني فإنه من المفيد البحث عن آليات لإشراك بعض الدول العربية المهمة في العمل مع إيران بهدف التوصل إلى طريقة تعايش" ، موضحا أن مصر والسعودية "كلمة السر" للتصدي لخطر إيران.
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية عن المدير العام للمعهد جون شيبمان قوله فى التقرير الذي جاء بعنوان "المسح الاستراتيجي لعام 2009 " ونشر في 16 سبتمبر إنه على عكس المحادثات السداسية بشأن الملف النووي الكوري الشمالي لا توجد دول إقليمية مشاركة في مفاوضات الملف النووي الإيراني.
وتابع "يوجد خمسة أسباب مفيدة لإشراك هذه الدول، أولها أن هذه الدول الإقليمية ستكون الخاسر الفوري إذا امتلكت إيران أسلحة نووية، وثانيا أنها تخشى من أن إبعادها من المفاوضات سيجعلها جزءا من الحزمة في بعض الصفقات الكبرى، التي بموجبها قد تتخلى إيران عن أهدافها النووية مقابل منحها دورا أكبر في الأمن الإقليمي".
أما الهدف الثالث ، فإنه يتمثل في منع الانتشار النووي في المنطقة، وذكر شيبمان في هذا الصدد أن دولا مثل تركيا والسعودية ومصر يجري ذكرها كدول تريد الحصول على السلاح النووي إذا تأكدت أن إيران ستحوزه.
واستطرد "لذلك سيكون من الأحسن إشراك هذه الدول في العملية الدبلوماسية لوضعها في المشهد المناهض للانتشار النووي "، أما بالنسبة للهدف الرابع فإنه في حال فشل الدبلوماسية ، فإن هذه الدول وغيرها ستكون مهمة في سياسة إقليمية لاحتواء إيران.
وحدد شيبمان الهدف الأخير بسلام الشرق الأوسط ، معتبرا أن المبعوثين الخاصين للإدارة الأمريكية يتعين عليهم إيجاد طرق ذكية لربط تحديات الملف النووي الإيراني بالسلام في المنطقة والبحث عن طرق لإشراك دول إقليمية خصوصا تركيا والسعودية ومصر في الهندسية الأمنية الإقليمية التي تهدف لمنع إيران من التحول إلى دولة نووية.
محادثات أكتوبر
منشأة أصفهان النووية الإيرانية
وكان مسئولون في طهران وبروكسل أكدوا في 14 سبتمبر أن إيران على استعداد للاجتماع بالقوى الكبرى لإجراء محادثات بشأن برنامجها النووي المثير للجدل في الأول من أكتوبر/تشرين أول المقبل.
وقالت كريستينا جالاش المتحدثة باسم المنسق الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا إن كبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلى والمنسق الأعلى خافيير سولانا تحدثا هاتفيا ووافقا على بدء المحادثات في الأول من أكتوبر/تشرين أول.
ومن جانبه ، أعلن سولانا أن المحادثات بين إيران والدول الست الكبرى بشان برنامجها النووي مطلع الشهر المقبل ستعقد على الأرجح في تركيا.
وأضاف أن الاجتماع سيضم بالإضافة إليه كلا من مسئول الملف النووي الإيراني سعيد جليلي وممثلي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ، بجانب ألمانيا.
واستطرد قائلا :" في هذه المرحلة سنحاول الدخول في المفاوضات" ، مشددا على استمرار التعامل مع طهران بالمقاربة المزدوجة "عصا العقوبات وجزرة الحوافز التجارية" .
وتابع أن الدول الست ستجرب الدخول في محادثات جديدة مع المفاوض الإيراني في البرنامج النووي سعيد جليلي، مؤكدا أن هذا الوقت ليس مناسبا للحديث عن عقوبات جديدة ضد إيران.
وفي المقابل ، أكد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي أن بلاده تأمل بأن يفتح اللقاء المرتقب مع دول الخمسة زائد واحد في الأول من تشرين الأول/أكتوبر الطريق أمام المستقبل.
وأكد أن بلاده مع الحوار، لكن دون شروط مسبقة ، كما أكد أن بلاده لا تسمح بأية مساومة على حساب حقها السيادي، أما فيما يخص المناقشات، فلكل طرف الحق بأن يطرح ما شاء من أسئلة خلال اللقاء المقبل.
مناورة إيرانية
الرئيس الإيرانى يواصل مناورة الغرب
ويعتبر اللقاء المرتقب بين إيران والدول الكبرى هو الأول بين إدارة الرئيس باراك أوباما والحكومة الإيرانية منذ أن عرض الرئيس الأمريكي إجراء محادثات مع طهران عقب توليه منصبه في يناير/كانون الثاني الماضي.
ويرى مراقبون أن اللقاء المرتقب سيكون في صالح إيران ليس فقط لأنه سيناقش هذه المرة مقترحات قدمتها طهران وليس الدول الأوروبية وإنما أيضا لأن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا فشلت خلال الشهور الماضية في إقناع روسيا والصين بفرض عقوبات جديدة على طهران بعد تلكؤها في الرد على عرض أوباما بالحوار.
أيضا فإن إيران نجحت في تفويت الفرصة على ضغوط جديدة بشأن فرض عقوبات عليها عبر التزامها بالمهلة التي منحتها الدول الست في يوليو الماضي للرد على عرض أوباما والتي كان من المقرر أن تنتهي في سبتمبر الجاري .
وكانت الدول الست " أعضاء مجلس الأمن الخمس + ألمانيا " أعلنت في يوليو الماضي أنها تريد من إيران أن تستجيب لعرض إجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة بحلول بداية دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر ، وقبل أيام من انتهاء المهلة ، فاجأت إيران الجميع بمقترحات جديدة لحل المشاكل العالقة بينها وبين الغرب وهو الأمر الذي فوت الفرصة على إسرائيل لاستغلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لحشد الجهود لفرض عقوبات جديدة على طهران ، هذا بالإضافة إلى أن إيران بتلك المقترحات لم تقدم تنازلات تذكر بل وكسبت أيضا المزيد من الوقت لمناورة الغرب بشأن برنامجها النووي .