لمن انحاز جمال عبد الناصر اجتماعياً... هل كان انحيازه للأغنياء أو كان انحيازه للفقراء؟..
إن أعدى أعداء جمال عبد الناصر لا يكفون عن اتهامه بالحقد على الأغنياء، ويعزون كثيراً من سياساته إلى هذا الحقد الذى يتصورونه.
ولم يكن جمال عبد الناصر حاقداً، ولكنه كان يرى الغنى الفاحش فى وسط الفقر المدقع جريمة لا تغتفر، وهكذا جعل هدفه الذى لا يحيد عنه تذويب الفوارق بين الطبقات.
ولو أنه وجد نفسه من الأغنياء - أو أوجدته مطامعه بينهم - لاختلفت تصرفاته، ذلك أن كل إنسان حريص على مصالح الطبقة التى ينتمى إليها، أو حتى تلك التى يتطلع يوماً للانتماء إليها. أى أن الذى يريد الثروة لنفسه يؤمن الثروة لغيره!
والذى يسعى إلى توسيع ملكيته الخاصة - وذلك أساس أى غنى - لا يسمح لنفسه أن يبتدع مبدأ التعرض للملكية الخاصة أو المساس بحقوقها.
وإذا كان جمال عبد الناصر قد تعرض لأموال الأغنياء لصالح الفقراء، وإذا كان قد تعرض لملكية من يملكون لصالح الذين لا يملكون - إذن فإننا نستطيع أن نتصور ببساطة أن جمع الثروة والحرص على الملكية التى تتراكم فيها الثروة، لم يكونا بين مجموعة القيم الاجتماعية التى آمن بها فى حياته أو لحياته.
ولقد كان بين المعايير الصارمة التى ألزم نفسه بها أن لا يملك أرضاً أو عقاراً، وكان يعتقد - واعتقاده صحيح - أن الملكية هى التجسيد العملى للامتياز الطبقى، ولم يكن ضد الملكية كمبدأ ولكنه كان ضد تجاوز الحدود فيها فى مجتمع أغلبيته الساحقة من المعدمين، وكان رأيه أن الحاكم فى مصر لا يجوز له أن يتملك لأنه بذلك يفقد قدرته على التعبير عن مصالح الأغلبية ويجد نفسه - مهما حسنت نواياه - يعبر عن مصالح الأقلية.
هل كان نمط حياته يزيد عن موارده وهل كان مضطراً إلى أن يجارى مستويات من المعيشة يراها من حوله مترفة ناعمة، ومجاراته لها تفرض عليه أن يبحث لنفسه عن مصادر أخرى لتمويل العجز؟
لم تكن للرجل - وهذه حقيقة عرفها كل الذين خالطوه فى مصر أو فى العالم العربى أو فى الدنيا الواسعة كلها - شهوة فى طعام أو شراب.
وكان أفخر الطعام عنده على حد تعبيره "لحماً وأرزاً وخضاراً" و"ماذا يأكل الناس غير ذلك؟ "
حقا كان زعيما فى كل شىء
شكرا لك اخى ممدوح على هذا الموضوع الرائع