تميز المسلم :
رأيت أخي المسلم مما سبق
كيف أن المسلم يختلف عن غيره فإذا كان غير المسلم يعبد من شاء ويعتقد ما
يشاء ويفعل ما يشاء _ حراماً كان أو حلالاً _ وله طريقته في الحياة وشخصيته
غير ملتزمة بمنهج معين , فإن المسلم موجه من السماء فله عقيدته وله أخلاقه
المرسومة على منهاج النبوة وله عباداته التي شرعها له رب الأرض والسماء
قال تعالى : (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي
أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا
فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه
من ينيب) (سورة الشورى : 13) .
فالمسلم إذاً رجل متوشح
بوشاح الإيمان يتحرك في الحياة على هدى من ربه متأسياً بهدي نبيه صلى الله
عليه وسلم ليس له عادة ولا تقليد إلا ما عوده عليه الشرع الحكيم ولا يقلد
غيره لأن ما عنده من معين الإيمان ونور النبوة يكفيه عما في أيدي الناس من
سراب وخداع وأوهام وخيال لا يستقيم مع نور الحقيقة وبرهان اليقين قال تعالى
: (ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين) (سورة البقرة : 130) وقال تعالى : (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون) (سورة الجاثية : 18) .
تميز المسلم في عقيدته
من المقرر المعلوم أن المسلم له عقيدته التي تتلخص في :
أولاً :
توحيد الله تعالى في
المعرفة والإثبات وهو إثبات حقيقة ذات الرب سبحانه وصفاته وأفعاله وأسمائه
وتكلمه بكتبه وتكليمه لمن يشاء من عباده وإثبات عموم قضائه وقدره وحكمته
وهذا النوع قد أفصح عنه القرآن الكريم في قوله تعالى : (الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون) (سورة السجدة : 4) وقال تعالى : (هو
الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو الله
الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار
المتكبر سبحان الله عما يشركون) (سورة الحشر : 22-23) وقال تعالى : (الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم) (سورة آل عمران : 1-2) وقال تعالى : (قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفُواً أحد) (سورة الإخلاص) .
ثانياً :
توحيد الطلب والقصد ومعناه توحيد الله تعالى بأن نعبده وحده لا شريك له وأن ندع ما دونه من الأنداد وأن نعطي ولاءنا له سبحانه وتعالى دون غيره وأن لا نستنصر إلا به وأن لا نستشفع إلا به قال تعالى : (قل
يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا
نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا
اشهدوا بأنا مسلمون) (سورة آل عمران : 64) .
تلك هي عقيدة المسلم يجمعها
القول بامتثال الأوامر واجتـناب النواهي لأن جميع الاعتقادات الواجبة
والطاعات الواجبة مأمور بها شرعاً وعقلاً وجميع المنهيات والمحرمات
والمكروهات منهي عنها شرعاً وعقلاً قال تعالى : (الم
ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة
ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك
وبالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون) (سورة البقرة : 1-5) .
أخي المسلم ــ أختي المسلمة
إن نجاحنا وفلاحنا في الدنيا والآخرة بالتزام أوامر الله على طريق النبي صلى الله عليه وسلم فتمسك
بعقيدتك الصحيحة واحذر أهل الأهواء والزيغ والضلال , وأن تستبدل الذي هو
أدنى بالذي هو خير بل عليك أن تثق بربك وأن تستمسك بحبل الله المتين فهو
وحده الذي يفرج الكروب ويعصم من الزلل ولقد أجمل المصطفى صلوات ربي وسلامه
عليه عقيدة المسلم في قوله : (إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله) وفي حديثه الذي أخرجه الشيخان عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من
شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وكلمته
ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الجنة على ما كان من
العمل) .
هذه عقيدتنا فلنحرص كل
الحرص على سلامتها ولنحذر أن نستمع إلى نعيق المشركين ونباح الكفرة في وادي
الكفران والزيغ والضلال قال تعالى : (فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم) (سورة الزخرف :43) وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم : (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ) رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي
قال تعالى : (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب) (سورة ق : 37)