ألا يحق لنا جميعاً أن نفتخر بها، سوزان باعقيل أول مصورة فوتوجرافية سعودية، وهي مصورة وكالة رويتر.
المساحة لا تكفي للحديث عنها، قاهرة الجبال.. نعم هذا هو لقبها الذي أطلقها عليها الشاعر إبراهيم الصيادي بعد تسلقها جبال وادي لجب لتصوير مقاطع وهي بكامل حشمتها وحجابها، إنها سوزان باعقيل.. أول مصورة سعودية محترفة، حيث كانت المرأة الأولى التي تصور مشاعر الحج والعمرة من طائرة الهليكوبتر كما صورت حادث الجمرات عام 1426 هـ. تلك المرأة التي أبهرتني خلال حفل افتتاح شركة رابغ للتكرير والبتروكيماويات (بترو رابغ) بمقر الشركة في رابغ قبل بضعة أشهر كما بهرت الكثيرين في منتدى جدة الاقتصادي الأخير.. شدني أن رأيت تلك المرأة السعودية والتي تحمل آلة التصوير خاصتها بل آلات التصوير وتخترق الصفوف لأخذ الصور الفوتوجرافية لهذه المناسبة.
لقد كانت تحمل آلات عدة ومرتدية زيها النسائي الوطني وتعمل بكل جد وحزم، كل ما رأيت شد فضولي للتحدث مع هذه المرأة والتعرف إليها وسماع قصتها. تحكي سوزان أنها منذ نعومة أظافرها عشقت الفن بكافة فروعه،لكن ما أبهرها بالعدسة أنها تسجيل سريع للتاريخ وتوثيق له، وهو لغة دولية تفهمها كل الشعوب ولا حاجة إلى ترجمة أو حتى مترجمين. فكان أن أكملت معها وبرعت بها، وأدهشتنا من خلال صورها وهي في كل مرة تتواجد بمناسبة تشد إليها الأنظار وتبهر، فهي شاهد حي على أن المرأة في بلادنا تمارس كافة المهن وكافة الفنون وتبرع بها وتتفوق محافظة على هويتها وثقافتها، كما هي باعقيل الفنانة بكل المقــاييس.
كتابها الجديد التوثيقي "حرف من الجزيرة العربية" نبعت فكرته من احترام باعقيل لكل المهن.. لذا رغبت بتوثيق التراث السعودي بكافة المناطق فتنقلت من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق مروراً بالوسط حملت عدستها وسجلت جزءا من الثانية. وقد استغرق كتابها ثلاث سنوات حتى صدر في 300 صفحة، وقعته في معرض الرياض الدولي الأخير، وإن كانت باعقيل ترى أن المهن في بلادنا تتشابه من منطقة إلى أخرى لكنها آثرت التوثيق والتسجيل من خلال عدستها الذهبية. اختيرت مع وفد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أثناء زيارته التاريخية إلى إيطاليا والفاتيكان في الوفد المدني بتمثيل المملكة، فكانت خير من يمثلنا ويمثل المرأة السعودية الجادة والمتميزة في مجال تخصصها.
تخطت سوزان المحلية،فكان لها أول تكريم تحظى به فنانة عربية من حكومة أجنبية على مستوى العالم العربي، فقد كرم الرئيس الإيطالي جورجو نابوليتاني الفنانة السعودية سوزان عضو الوفد المدني المرافق لخادم الحرمين الشريفين في زيارته إلى إيطاليا بجائزة الدولة التقديرية المتمثلة في الميدالية الخاصة بعيد ميلاد روما والتي تقدم إلى الملوك والرؤساء وأصحاب الإنجازات من ضيوف إيطاليا. وكانت الفنانة أحد أعضاء الوفد الذي تشرف عليه وكالة وزارة الثقافة والإعلام للعلاقات الدولية قدمت لوحة معبرة عن التواصل والترابط بين الشعبين السعودي والإيطالي فقد قامت بالتواصل بين الدولتين المملكة وإيطاليا وبمجهودات شخصية ونقلت الثقافة السعودية وصورة عن الإسلام رغبة منها للتخاطب والتحاور بين الثقافات من خلال الفن وبمساعده عدستها الجميلة، ولم تتوقف عند هذا الحد ولكن قامت بنقل إيطاليا إلى المملكة العربية السعودية من خلال العدسة ،فكان معرضها (إيطاليا بعيون عربية) والذي أقيم بالرياض في اليوم الوطني الإيطالي،لذا فقد قلدت لقب الفارسة.
ولم تكن إيطاليا الدولة الوحيدة التي كرمتها، ولكن حظيت بالتكريم هنا في السعودية من جهات مختلفة ومن دول اندوا، سويسرا، إسبانيا، اليابان، الصين، المغرب، سلطنة عمان، إيطاليا، القاهرة، لبنان، دبي، الكويت، تونس، المملكة الأردنية الهاشمية، ألمانيا، تركيا. كما حصلت على أكثر من 30 جائزة في فن التصوير الفوتوجرافي البورتريت،وهي الحاصلة على شهادة متخصصة من كلية ميامي دايد بولاية فلوريدا الأمريكية وتتمتع بخبرة تزيد عن خمسة وعشرين عاماً. وحضرت المؤتمر العالمي للحوار بمدريد بإسبانيا برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله والملك الإسباني كارلوس في يوليو 2008 وبدعوة سامية لتصوير المؤتمر.
ولأنها حريصة على صورة دينها الحنيف فلم ترض، وفاض لديها حماس شديد للدفاع عن رسول الأمة بعد الرسوم المسيئة، فغادرت إلى النرويج إحدى دول الدنمارك لتعطي صورة حسنة عن الإسلام، فكانت خير سفير لهذه المهمة، وبكل المقاييس كانت الرحلة ناجحة وطلب منها أن يمدد المعرض المقام لهذه المهمة، فقد أعطت صورة باعقيل الواقع الجميل لروح الإسلام السمحة. كما أنها تهتم بالنواحي الإنسانية وحريصة عليها للخير والفن، وقد بيعت صور الفنانة سوزان باعقيل بالمزاد بإشراف صالة كرستي البريطانية للمزادات واختارت شركة نوكيا أن تكون سوزان المصورة لصور المزاد لصالح أيتام الطائف عام 2005.
وفي مانشستر ببريطانيا كانت حكاية أجمل صورة تحب أن تتحدث عنها باعقيل بعد إقامتها لمعرض هناك بدعوة كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل، وهي صورة الحرم المكي وهو مكتظ بالمصلين. وحين عرضت تساءل الناس: ما هذه الصورة؟ هل هي دبي؟ حينها حزنت باعقيل وأصابها الأسى، فبدأت تشرح للحضور من زوار المعرض عن مكة وكيف أن هذه الجموع حضرت للصلاة. وكانت هذه الحادثة سببا للدعوة، وكان أن دخل أحدهم الإسلام وقام بشراء الصورة وحضر إلى مكة المكرمة لأداء العمرة. وبعد كل ذلك، ألا يحق لنا جميعاً أن نفتخر بها، سوزان باعقيل أول مصورة فوتوجرافية سعودية، وهي مصورة وكالة رويتر.
المساحة لا تكفي للحديث عنها، لذا ابحثوا عن صورها الرائعة في الإنترنت، واذهبوا إلى موقعها الإلكتروني واقرؤوا عنها، إنها تستحق منكم الاطلاع، فهي امرأة سعودية يشار إليها بالبنان، فهي بحق متميزة.