يبدو أن محاكمة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك بتهم فساد بدأت تقلق الحكام في جميع أنحاء العالم ، حيث كشفت تقارير صحفية أن الكثير منهم سعوا لسن قوانين جديدة تمنحهم الحصانة من المساءلة بعد الخروج من السلطة ، إلا أن ما لم يتوقعه أحد هو ما كشفته صحيفة "القدس العربي " اللندنية في هذا الصدد ويتعلق أساسا بالرئيس المصري حسني مبارك.
فتحت عنوان: "الأنباء حول محاكمة شيراك تبعث اقتراح حصانة قانونية للرئيس المصري مقابل ترك الحكم وتعديل الدستور" ، كتبت الصحيفة تقول إن الأنباء حول محاكمة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، وهو صديق قديم لمبارك ، ألقت بظلالها على المؤتمر العام للحزب الوطني الحاكم في مصر الذي افتتح يوم الجمعة الموافق 30 أكتوبر / تشرين الأول وسط حالة غير مسبوقة من الغموض والتوتر بشأن مستقبل الحكم في مصر .
وأضافت الصحيفة أنه ظهر على هامش المؤتمر اقتراح بما أسمته "خروج آمن " لمبارك من الحكم يكفله قانون يمنحه حصانة مدى الحياة من الملاحقات القضائية مقابل تعديل المادتين 76 و77 في الدستور بما يكفل إفساح المجال أمام منافسة حقيقية على الرئاسة وقصر الرئاسة على فترتين على الترتيب.
وتابعت الصحيفة "ورغم ما لقيه الاقتراح من عدم ممانعة لدى بعض المعارضين إلا أن فقهاء قانونيين وسياسيين انتقدوه باعتبار أنه غير دستوري وغير واقعي ، حيث أنه لا يمكن أن يتسع ليشمل أعضاء أسرة الرئيس" .
وبجانب ما انتهت إليه الصحيفة فإن هناك من يشكك في تطبيق مثل هذه الصفقة لسبب بسيط وهو أن الرئيس مبارك لم يحسم بعد الجدل المحتدم من شهور حول ما إذا كان يعتزم الترشح في الانتخابات الرئاسية المقررة في عام 2011 ، كما أن الحزب الوطني الحاكم لم يحسم هو الآخر مسألة مرشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة .
ويبدو أن تصريحات الرئيس مبارك في فبراير/ شباط 2007 تجهض مثل هذه الصفقة مبكرا ، فهو كان تعهد بالاستمرار في تحمل المسئولية ما دام في الصدر قلب ينبض ، كما أن مسارعة رئاسة الوزراء لنفي تصريحات أحمد نظيف الأخيرة حول التوريث ترجح أيضا عدم نجاح مثل هذه الصفقة .
تصريحات نظيف
أحمد نظيف
وكان مجلس الوزراء المصري نفى في 28 أكتوبر / تشرين الأول تصريحات الدكتور أحمد نظيف بشأن عدم استبعاد ترشيح نجل الرئيس مبارك والأمين العام للجنة السياسات بالحزب الوطنى جمال مبارك فى انتخابات الرئاسة المقبلة.
ونقل التليفزيون المصري عن الدكتور مجدى راضى المتحدث الرسمى باسم مجلس الوزراء قوله إن ما صدر من تصريحات عن الدكتور نظيف الثلاثاء تم صياغته بشكل غير دقيق من قبل وكالات الأنباء وبعض الفضائيات.
وأضاف أن مراسل إحدى الوكالات سأل الدكتور نظيف: "هل سيرشح الرئيس مبارك نفسه فى انتخابات عام 2011 " ، فقال نظيف :"أتمنى أن يكون الرئيس مبارك هو مرشح الحزب الوطنى لأنه عامل للاستقرار ، الرئيس بصحة جيدة ولكن ما زال الوقت مبكرا عن هذا الأمر ، فعندكم فى أمريكا يتم ترشيح الرئيس قبلها بثمانية أشهر فكيف تطالبون بالحديث عن شىء ليس وقته".
وأوضح راضى أن المراسل سأل الدكتور نظيف عما يتردد فى الشارع السياسى عن ترشيح جمال مبارك للرئاسة ، فقال نظيف : "اسألوه هو".
وتابع أن المراسل سأل نظيف مرة أخرى قائلا: " لكن هل أنت ستعزز ترشيح جمال مبارك؟ فأجابه رئيس الوزراء إنه جزء من الحزب الوطنى وسأرشح من يعززه الحزب وجمال مبارك شخصية جيدة ".
وأضاف المتحدث باسم مجلس الوزراء أن التصريحات تم اجتزاؤها ووضع العنوان لها ونقلها بالفضائيات ووكالات الأنباء عن أشياء لم يقلها الدكتور نظيف ، مشددا على قول نظيف إنه جزء من الحزب الوطنى وسيساند من يرشحه الحزب الوطنى".
وكانت وكالات الأنباء نشرت في وقت سابق يوم الثلاثاء الموافق 28 أكتوبر / تشرين الأول أن رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف أدلى بتصريحات مثيرة أكد خلالها أنه من المبكر لأوانه الحديث عن إعادة ترشح الرئيس حسني مبارك لولاية جديدة.
وفي كلمة له خلال مؤتمر حول الاستثمار في الشرق الأوسط استضافته القاهرة في 27 أكتوبر / تشرين الأول ، أضاف نظيف أنه لا يستبعد ترشح جمال مبارك لرئاسة مصر.
التصريحات السابقة كان من شأنها أن تشعل غضب المعارضين للتوريث خاصة وأنها تعتبر الأولى من نوعها التي ترجح احتمال عدم ترشح الرئيس مبارك لفترة رئاسية جديدة لإفساح المجال أمام وصول نجله جمال للرئاسة .
ويبدو أن استمرار الغموض حول مستقبل الحكم في مصر يعطي أهمية قصوى للمؤتمر العام للحزب الوطني الحاكم ، حيث رجح البعض أن يركز الرئيس مبارك في كلمته أمام المؤتمر على قضايا التنمية دون التطرق لمسألة ترشيحه للانتخابات الرئاسية المقبلة ، فيما رجح البعض الآخر أن يفجر الرئيس مبارك الذي تولى الرئاسة منذ 28 عاما عقب اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981 ، مفاجأة في هذا الصدد.
مؤتمر تاريخي
جمال مبارك
وكان الحزب الحاكم بدأ في 30 أكتوبر مؤتمره العام تحت شعار "من أجلك انت" ، ، ويناقش المؤتمر قضايا اقتصادية واجتماعية مثل الفقر والبطالة.
وتسود حالة من الترقب في الشارع المصري عما سيتناوله مبارك في خطابه أمام المؤتمر يوم السبت 31 أكتوبر ، خاصة ما يتعلق بمستقبل انتقال السلطة، نظرا لأن مصر تستعد لانتخابات تشريعية في العام المقبل وانتخابات رئاسية في العام الذي يليه.
ومنذ عدة شهور ، تشهد مصر جدلا واسعا حول مرشح الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية، خاصة بعد أن بلغ الرئيس مبارك 81 عاما ، وقضى 28 عاما رئيسا للبلاد .
ويحظى جمال مبارك، نجل الرئيس المصري، باهتمام خاص في مؤتمر الحزب الحاكم نظرا لما يتردد في كثير من وسائل الإعلام المصرية حول طموحه لخلافة والده ، بالإضافة إلى أنه يترأس في الوقت الراهن لجنة السياسات بالحزب الوطني.
كما أوردت وسائل الإعلام المصرية تقارير عن إمكانية ترشيح شخصيات مصرية معروفة لمقعد الرئاسة مثل محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية المنتهية ولايته وعمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية.
وفي المقابل ، يقود المعارض المصري أيمن نور، المرشح السابق للرئاسة، حملة لمناهضة توريث الحكم لجمال مبارك ، ويشارك في حملة مناهضة توريث السلطة عدة أحزاب وجماعات معارضة، من أبرزها جماعة الإخوان المسلمين .