جمال الغيطاني
ماذا نعرف عن نهر النيل؟
لا شيء، اننا ندير ظهورنا في المناهج التعليمية، وفي وسائل الاعلام لمصدر الحياة في مصر، الاهتمام يجيء كالعادة من الأجانب، وحتي الأقدمين، أذكر أنني رأيت في الستينيات فيلما تسجيليا عن النيل للمخرج الكندي جون فيني، رأيت فيه عوالم ثرية، متنوعة، نجهلها تماما، لم يطلعنا أحد في المدارس علي أي معلومات عن الدول والشعوب والقبائل التي تعيش علي ضفتي النهر نفسه، كلنا نشرب من مياهه، ونتطهر بها، ونستمد أسباب الحياة، ولا يعرف بعضنا بعضا، لدي في مكتبتي عدد من الكتب عن النيل بالانجليزية، منها مجلد ضخم للفوتغرافيا، المصور الياباني كازويوشي نوماشي، قام برحلة من المنبع الي المصب، كل صورة عالم. اضافة الي الفنية العالية التي التقط بها الزوايا، هذا الكتاب لم يترجم، وكان جديرا بذلك، في المكتبة العربية الحديثة لا نجد إلا تجربة عبدالله الطوخي الفريدة التي قام خلالها برحلة عكسية من المصب الي المنبع، ومن قبله موسوعة »تقويم النيل« لأمين سامي والتي أعيد طبعها في دار الكتب مؤخرا، وهيئة قصور الثقافة، ومنذ سنوات صدر كتاب علمي هام عن دار الهلال للدكتور رشدي سعيد وهناك بالطبع كتاب اميل لودفيج الذي طبع في دار المعارف في الاربعينيات، فيما عدا ذلك تظل الجهود قليلة، وخلال العقود الاخيرة توقفنا تماما، إنني أقترح تخصيص قناة النيل الاخبارية لتكون اسما علي مسمي، بحيث تغطي دول الحوض فنعرف أخبارها وتجري لقاءات مع الشخصيات بها وبرامج عن الواقع هناك وعن البشر، ايضا ترجمة الادب الافريقي في المشروع القومي للترجمة، خاصة المئوية الرئيسية في الفكر والفولكلور والادب الحديث، هناك نماذج محدودة جدا تم ترجمتها من اثيوبيا، ولكن ما تزال المكتبة العربية فقيرة، ولعل السفير رفيع الثقافة وعميقها محمد ادريس الذي عينه الوزير السابق احمد ابوالغيط ليمثل مصر هناك، لعله يضع في اولوياته هذه العناصر الثقافية وفيها ايضا رفع عدد المنح العلمية، وقد بادر الامام الاكبر الي اقرار ذلك، أن للوضع المقلوب ان يعرف مساره الصحيح في علاقتنا بافريقيا عامة، ودول المنبع خاصة.