من هو الشخص اللطيف المحبوب الذي لا تحلو الحياة إلا به؟ أين هو الشخص
الممتاز المميز الذي تنشده كل الديانات والفلسفات؟ ما الخلطة السحرية
السرية التي تجعلنا متلهفين للقاء إنسان ما؟لقد عاش رجل عظيم بكل ما
تعني هذه الكلمة من معنى منذ 1431 سنة في بادية العرب، كان يتيما حنونا
صبورا كريما لطيفا قريبا أنيسا شجاعا وفيا خلوقا، أحبه كل من عرفه، بل كل
من سمع عنه... إذا ما السر؟ما هي خارطة الطريق كي تصبح أنت، أخي القارئ، محبوبا من قبل الجميع... كن محمديا...كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم ماهرا بتحويل الأعداء إلى أصدقاء... وكان
أعتى العتاة، يقولون: كنا نبارزه وعيوننا في الأرض لأننا إذا نظرنا في وجهه
الجميل البسام المشرق فإننا سوف نسلم مباشرة.إذا الموضوع موضوع مكارم أخلاق، ثم مكارم أقوال ثم مكارم أفعال ثم مكارم أحوال...وهكذا
تصبح مرغوبا مطلوبا محبوبا معشوقا من قبل الوجود كله، لأن الإنسان الأبيض
تحبه حتى الجوامد غير العواقل بل حتى الحيوانات، الإنسان تحبه مركبته
ومنضدته وأنفاسه وثيابه وكرسيه فضلا عن زوجته وأهله وجيرانه...الإنسان
المحبوب يفرح المطر بنزوله على رأسه وتبتهج الزهرة برائحته الزكية، وتشرق
الشمس لأجله شخصيا، في صحيح مسلم: (إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل
أن أبعث) صلى الله وسلم على المحبوب الأول الذي علمنا كيف نجعل كل من
يعرفنا يحبنا، بل علمنا الحب.بكل بساطة ومباشرة ووضوح، أقلل من
الكلام، وأكثر من الحنان، تجعل كل من يعرفك يحبك، امسح دموع المتحسرين،
بارك نجاحات الناجحين، ضخ معاني التفاؤل والنشاط والهمة العالية في كل من
حولك، اذكر محاسن إخوانك - وكل البشر إخوانك - حرض الآخرين على فعل الخير
بفعلك للخير لا بكلامك عن الخير، اذهب الآن مباشرة لعيادة مريض قل له إن
الشافي سبحانه يسمعه ويراه وسوف يشفيه بفضله ومنه وجوده، تحرك فورا لتنظيف
بيتك - وكل المعمورة بيتك -، نظف الشوارع والقلوب والأفهام والنوايا من سوى
ما يرضي الله، في العمل اكتب تقريرا ترصد فيه إيجابيات زملائك، في الطريق
امنح غيرك فرصة العبور، في المكتبة ابحث عما يعزز روابط التعاطف بين الناس
ثم وزعه عليهم، في الجامعة احترم رأي أستاذك واحفظ فضله عليك ما حييت، في
المسجد تذلل للملك سبحانه حتى يرفعك، في المقبرة اتعظ وأسرع فورا إلى تعبئة
رصيدك من الحسنات فالعمر قصير، في البيت تعلم العاطفة من زوجتك وعلمها
العقل، اعطها من جيبك وجيب قلبك تعطك كل جيبها وكل قلبها، في المجتمع أحسن
الظن بالناس بحذر يحبوك، اقبل معايبهم يقبلوا معايبك، ضخم فضائلهم يضخموا
فضائلك..تجاوز عن سيئات الآخرين عسى أن يتجاوزوا عن سيئاتك، وعسى أن
يغفر الغفار الغافر الغفور سبحانه للجميع... تذكر معي قول الإمام علي كرم
الله وجهه: (من عذب لسانه كثر إخوانه) ولا تكتفي بالتذكر فقط، بل قرر أن لا
تتكلم إلا بالكلمات التي كان المحبوب الأول يتكلمها، صلى الله عليه وسلم،
تأكد أن الناس كلهم سوف يتخلون عنك يوم القيامة، إلا النبي العربي الصادق
الأمين الزكي الرؤوف الرحيم، لذلك تخلَ أنت الآن قلبيا عن كل ما سواه واجعل
علاقتك بالأخلاق علاقة المصعد الذي سوف يرفعك إلى الفردوس الأعلى إن شاء
الله (أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا).