ذكرت تقارير صحفية أن المعركة السياسية والاعلامية لخلافة الرئيس المصري حسني مبارك والذي دخل عامه الـ 83 ، اشتدت بين انصار نجله الاصغر جمال مبارك الأمين العام المساعد أمين السياسات في الحزب الوطني الحاكم، والمدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الدكتور محمد البرادعي.
فقد أعلن القائمون على حملة دعم جمال مبارك أن توقيعات دعم نجل الرئيس للرئاسة قفزت إلى 7 آلاف توقيع فى اليومين الماضيين، وكشفوا عن أن الأخير على علم بالحملة وتحركاتها، وهناك ترتيب مكثف حاليا لموعد معه، بعد أن بلغ عدد المتطوعين فى الحملة لـ6 آلاف شخص.
ونقلت صحيفة "الشروق" المستقلة عن أحد أعضاء حملة دعم جمال، قوله: "وصلتنا أخبار من مصادر مقربة من السيد جمال بأنه علم بالحملة، وهناك جهود للتنسيق وترتيب موعد معه قريبا، لعرض ما توصلنا إليه، وكيف أنه أصبح رمزا ومطلبا شعبيا للشباب".
وأشار أصحاب الحملة وهم جزء من الائتلاف الشعبى لدعم جمال مبارك إلى أنهم "موجودون فقط على أرض الواقع، والخطوة الحالية الانتشار داخل فيس بوك، والتالية هى موقع الكترونى لجمع التوقيعات".
وأشارت مصادر فى الحملة أن عدد التوقيعات لصالح ترشيح جمال تعدى حتى الآن 7 آلاف توقيع، لافتين إلى أنهم يسعون فى الفترة المقبلة إلى اجتذاب أعضاء الحزب الوطنى وعددهم 3 ملايين عضو والحصول على توقيعاتهم لدعم جمال مبارك، بحسب القائمين على الحملة.
ورأى المراقبون ان نجل الرئيس المصري ربما قرر محاكاة استراتيجية البرادعي في عدم الاعلان رسميا عن ترشحه، مع تمهيد الطريق لنزوله الساحة عندما يأتي الوقت المناسب بتهيئة المصريين، ومحاولة التأثير سياسيا وشعبيا على المؤسسة التي امتنعت عن ارسال اي اشارات حتى الان بشأن موقفها من انتقال السلطة.
وقال مجدى الكردى الذى يعرف نفسه بأنه مؤسس "الائتلاف الشعبى لدعم جمال مبارك": الحملة ستبدأ فى المحافظات خلال الأيام المقبلة، وتستهدف فى مرحلتها الأولى جمع 100 ألف تفويض فى أسبوع.
فى المقابل، قفزت التوقيعات على بيان البرادعى للتغيير "معا سنغير" داخل "توقيعات" الذى أطلقته
جماعة الإخوان المسلمين إلى 290 ألف شخص، أما التوقيعات على موقع "الجمعية الوطنية للتغيير" فسجلت رقم 86 ألف توقيع.
وأكد مصطفى النجار القيادى فى الحملة الشعبية المستقلة لدعم البرادعى أن "الحملة لا تركز فى شخص بعينه إنما يعنيها صناعة التغيير، وإحداث التحول الديمقراطى".
وقال: "المعركة ليست ترشيح أشخاص الآن، بل معركة تهيئة المناخ، والحصول على ضمانات تصنع التحول الديمقراطى، عبر عدة آليات بينها، جمع التوقيعات، والالتحام بالجماهير عن طريق آلاف المتطوعين".
وشدد النجار على أن الحملة لن تنجر لفكرة التنافس الانتخابى بنفس قواعد اللعبة الحالية الخالية من أى ضمانات، ووصف النجار المرحلة المقبلة بأنها شديدة الصعوبة ويكتنفها الكثير من الغموض.
ويدعو "بيان التغيير" إلى "إنهاء حال الطوارئ، وتمكين القضاء من الإشراف الكامل على العملية الانتخابية برمتها، والرقابة على الانتخابات من قبل منظمات المجتمع المدني المحلي والدولي، وتوفير فرص متكافئة في وسائل الإعلام لجميع المرشحين خصوصاً في الانتخابات الرئاسية، وتمكين المصريين في الخارج من ممارسة حقهم في التصويت، وكفالة حق الترشح في الانتخابات الرئاسية من دون قيود تعسفية، وقصر الترشح للرئاسة على فترتين، وتعديل المواد 76 و77 و88 من الدستور التي تحدد صلاحيات الرئيس وفترة الرئاسة وشروط الترشح، في أقرب وقت ممكن".
مخطط التوريث
مبارك وجمال
وكانت بوادر ما يسمى بـ "مخطط التوريث" قد ظهرت بوضوح بعد ان غطت صور جمال مبارك شوارع القاهرة في حملة لدعمه مرشحا للرئاسة تحت عنوان "جمال مصر" قام بها ما يسمى بـ "
"الائتلاف الشعبى لدعم جمال مبارك للرئاسة".
وحسبما ذكرت صحيفة "القدس العربي" اللندنية، رأى مراقبون ان الحملة الدعائية التي تروج لجمال رئيسا، ما كانت لتنطلق ويسمح لها بالصاق ملايين الصور في الشوارع دون موافقة من جهات سياسية وامنية متنفذة في الحزب والحكومة والاجهزة الامنية، الا انه يبقى من المبكر التكهن بامكانية نجاح "مخطط التوريث".
واعتبر هؤلاء ان انطلاق الحملة بعد ايام قليلة من نشر تقديرات منسوبة الى مصادر استخباراتية في صحف عالمية تشير الى "اعتلال صحة مبارك"، يكرس الشكوك في مصداقية النفي الحكومي لها.
وكانت صحيفة "واشنطن تايمز" زعمت ان اجهزة الاستخبارات الغربية تتوقع حدوث فراغ مفاجئ في سدة الحكم في مصر خلال عام بسبب تدهور صحة مبارك، وهو ما نفته القاهرة بشدة مؤكدة انه في صحة جيدة. وقام مبارك خلال الاسبوع الماضي بنشاط ملحوظ شمل استقبال عدة زعماء ومسؤولين عرب واجانب.
وحتى الآن لا يبدو واضحًا في الشارع المصري الكيفية التي يمكن أن يمرر بها الحزب الوطني الحاكم ما يوصف بمخطط التوريث، سواء قبل غياب الرئيس الأب أو بعد ذلك .
ورغم أن الحزب الوطني لم يعلن حتى الآن بشكلٍ رسميٍ موقفًا إزاء ترشيح جمال، إلا أن قياديين فيه يدافعون عن حق مبارك الابن في الترشّح باعتباره "مواطنًا مصريًا" شأن غيره .
ويشغل جمال منصب رئيس لجنة السياسات في الحزب الوطني، وهي المسئولة عن رسم ملامح السياسات العامة التي تنتهجها حكومة الحزب. ويقول معارضون إنه يمارس بشكلٍ غير دستوري مهام تتجاوز حدود سلطاته، لحد وصف البعض لهذه اللجنة بأنها "حكومة ظل" .
هجوم "وطني" على البرادعي
وكان "الوطني" قد شن الاسبوع الماضي هجوما عنيفا على المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والمرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، الدكتور محمد البرادعي، والذي أسس جمعية تجمع تواقيع تطالب بتعديل الدستور وإجراء إصلاحات سياسية في البلاد.
وقال القيادي بالحزب الحاكم، الدكتور علي الدين هلال، إن ما يطلبه البرادعي من تعديل للدستور أمر غير منطقي وغير واقعي، ولا تعديل للدستور حاليا، حتى لو جمع مليون توقيع، لأننا يمكن أن نرد عليه بجمع 5 ملايين توقيع ترفض إجراء تعديل للدستور.
واضاف، إن ما يتردد عن استعداد حزبه ضم الدكتور البرادعي بين صفوفه "أمر غير مطروح بالمرة.. بل إن البرادعي قد صرح مرة أنه غير مستعد للانضمام للحزب الوطني، وأنا بدوري أقول له: وهو أصلا حد دعا حضرتك للانضمام للحزب حتى تعلن أنك ترفض أن تشارك فيه".
البرادعي
وتابع هلال وهو وزير سابق ويشغل حاليا موقع أمين الإعلام بالحزب الحاكم: "ما يفعله البرادعي اسمه بالبلدي "تلاقيح جتت"، لأنه لم يدعه أحد من الأصل للانضمام للحزب فكيف يرفض أمرا لم يعرض عليه من أصله".
وعبر هلال عن احترامه للبرادعي "على المستوى الشخصي" لأنه "أحد القلائل الحاصلين على وشاح النيل وهو أعلى وسام يحمله أي مصري".
وقال على هامش مشاركته في اللقاء السنوي بمخيم للطلاب في محافظة الإسكندرية: "ما يطلبه البرادعي من تعديل للدستور بناء على طلبه إنما هو أمر غير منطقي وغير واقعي". وأضاف "لن يعدل الدستور من مطلب من فرد أو أي فئة، فذلك لا يحدث إلا في الدول الضعيفة".
وحول موقف الحزب في حال نجح البرادعي في جمع مليون توقيع تطالب بتعديل الدستور، قال هلال لصحيفة "الشرق الاوسط" السعوزدية الصادرة في لندن: إن "كل دستور قد حدد كيفية تعديله، وليس من بين الإجراءات المتبعة لتعديل الدستور في مصر جمع تواقيع من المواطنين".
وتابع "وحتى لو جمع البرادعي مليون توقيع على هذه المطالب فسوف نتأكد من صحتها ولو ثبت ذلك فسوف نجمع 5 ملايين توقيع ترفض هذا التعديل حيث إن عدد الناخبين في مصر 40 مليون ناخب ولا يؤثر في هذا العدد مليون توقيع بافتراض جمعها فعلا".
ومع ذلك كشف هلال عن أن النظام المصري سوف يدرس أمر تعديل الدستور في مصر، ولكن بعد مرور عامين، أي بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة المزمع إجراؤها في خريف عام 2011، قائلا إنه "لا يوجد شيء غير قابل للتغيير، إنما في الوقت ذاته لا نقبل أن يضغط علينا أحد، ويقول عدلوا هذه المادة من الدستور.. والآن وفورا".
وجاء هجوم هلال على البرادعي ورفضه دعوته لتعديل الدستور، بعد ساعات من حوار أدلى به رئيس مجلس الشعب المصري "البرلمان" ، الدكتور أحمد فتحي سرور، لصحيفة "الاهرام" المصرية، قال فيه إن هناك حزبا واحدا في مصر يبني ويعمل وهو الحزب الوطني الحاكم، بينما هناك ناس تمسك الفئوس لهدم ما هو موجود في محاولة للتغيير لكنه نحو المجهول، وهم أحزب المعارضة وما يسير في راكابهم.
وعن ما يطالب به البرادعي، من تعديل لمواد الدستور التي تعوق ترشح المستقلين لرئاسة الجمهورية ، وهو ما اصطلح على تسميته بـ "بيان التغيير"، قال سرور: "الدكتور البرادعي عندما ظهر, حرك المياه الجارية علي المسرح السياسي كمن ألقي عليها بطوب، ولكن من ألقي بالطوبة لم يفعل أكثر من ذلك شيئا، كنت أتوقع حراكا علي المسرح السياسي لا أن يلتف حول من أبدي فكرة معارضة".
وحول وقوف الدستور المصري الحالي بمواده المثيرة للجدل خاصة المادة 76 ، عقبة أمام المستقلين للترشيح لرئاسة الجمهورية، قال سرور: "الدستور لا يمنع المستقلين من المشاركة فهو يخاطب الناس جميعا, ولكن هناك فرقا بين الحق السياسي, والنظام السياسي الذي تسير عليه الدولة".
واشار الى ان النظام السياسي في مصر قائم علي تعدد الاحزاب ومع هذا فإنه ليس هناك قيود علي ممارسة المستقلين لدورهم
وأكد سرور أن "المادة 76 مرتبطة بشكل وثيق مع المادة الخامسة من الدستور والتي تتحدث عن النظام السياسي في البلاد، والضمانات الموجودة بها تتطلبها المرحلة الحالية في التطبيق الديمقراطي.. ومع ذلك فإن الدستور ليس مواد إلهية ولكنها مواد صاغها البشر وبالتالي فهي قابلة للتطوير ولكن المادة 76 بشكلها الحالي يتطلب الامر وجودها دون تغيير او تعديل".