ادوارد بيك
رغم محاولتها كالعادة خداع البعض في الغرب ، إلا أن شهادات عدد ممن كانوا على متن أسطول الحرية كشفت سريعا زيف مزاعم إسرائيل وأكدت ضرورة التحقيق الدولي في مجزرة أسطول الحرية سواء وافقت أمريكا أم لا .
ففي مطلع يونيو / حزيران وبعد ساعات من الإفراج عنه ، أكد السفير الأمريكي السابق ادوارد بيك الذي كان على متن أسطول الحرية أن كافة مزاعم إسرائيل كانت متوقعة للتغطية على جريمتها ، قائلا :" بالتأكيد سيقولون إن الناشطين هم من بدأوا بالاعتداء وكانوا يحملون أسلحة ، إنهم إرهابيون ، هذا متوقع من إسرائيل التي تروج دوما دعاية كاذبة ".
وتأكيدا لرواية النائبة العربية في الكنيست الإسرائيلي حنين الزغبي ، أكد بيك في تصريحات لقناة "الجزيرة" أن القوات الإسرائيلية هاجمت أسطول الحرية في المياه الدولية وإنها هي من بادر بمهاجمة النشطاء ، نافيا أن يكون أي جندي إسرائيلي تعرض لاعتداء من قبل الناشطين ولكن الجنود الإسرائيليين هم الذين بادروا بإطلاق الرصاص قبل النزول على متن السفينة وقاموا أيضا بإطلاق قنابل مسيلة للدموع والاعتداء على ركاب السفينة من خلال إطلاق الرصاص المطاطي والرصاص الحي .
ورد على إدعاءات إسرائيل حول أن نشطاء كانوا يحملون أسلحة بالقول :" هذا كذب وادعاءات إسرائيلية باطلة لأن من كانوا على متن السفينة هم مدنيون عزل يحملون المواد الغذائية لسكان غزة ولم تكن لديهم أي نية أو إمكانية لإلحاق الأذى بأي جندي إسرائيلي وكان هدفهم هو مساعدة سكان غزة من الجائعين المحاصرين في القطاع ".
وأضاف أنه وجهت له نفس التهم التي وجهت للنشطاء وهي إما الاعتراف بالدخول غير الشرعي للمياه الإقليمية الإسرائيلية وبالتالي مواجهة المحاكمة أو الترحيل الفوري رغم أن السفن كانت في المياه الدولية ولم تقم بأي انتهاك .
وتابع أنه اختار الترحيل ، وطالب المجتمع الدولي بالنظر إلى حقيقة الأوضاع المأساوية في غزة وأن يبطل الأكاذيب الإسرائيلية ، قائلا :" إن إسرائيل اعتادت على ترويج كذبها على خلاف الحقيقة بالترويج حول أهالي غزة أنهم أناس أشرار ، ولكن حقيقة الأمر اتضح لدي أن الإسرائيليين هم الأشرار الحقيقيون .
وأشار إلى أن اسرائيل عادة ما تختار الطريقة التي تستعرض فيه عضلاتها وتنتهك القوانين الدولية بمساعدة من يروج لهذه الأكاذيب الإسرائيلية ، وانتهى بالتحذير من تكرار كارثة أسطول الحرية في ظل استمرار الحصار على غزة .
تطابق الشهادات
حنين الزغبى
تصريحات ادوارد بيك السابقة جاءت لتؤكد للعالم أجمع أن أوباما ارتكب خطأ لا يغتفر في حق البشرية عندما أحبط محاولة إدانة إسرائيل في بيان مجلس الأمن ومنع تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة في المجزرة .
ويبدو أن الخناق يضيق شيئا فشيئا حول إسرائيل ، حيث توالت روايات وشهادات النشطاء ، ففي مؤتمر صحفي عقدته داخل الخط الأخضر بعد الإفراج عنها ، أكدت حنين الزغبي النائبة العربية بالكنيست الإسرائيلي أنه لم يوجه إليهم أي تحذير وأن الجنود الإسرائيليين أطلقوا النار على النشطاء قبل النزول على متن السفن بـ 10 دقائق ، مما أدى إلى استشهاد اثنين منهم وبعد ذلك قاموا بالنزول من علي طائراتهم العسكرية علي سفن قافلة الحرية وقاموا برش المياه على أعضاء القافلة وهو ما أدى إلي إدخال الأعضاء إلي الغرف الداخلية بالسطح الثاني بالسفينة ولم يبق منهم أحدا علي السطح العلوي بالسفن والذي لم يبق به إلا الصحفيون وممرضة وبعض المنظمين .
وأضافت أنها شاهدت الجثث الثلاثة الأولي والتي كانت من هذه المجموعة التي كانت بالطابق العلوي التي لم تكن مسلحة إطلاقا ، وبعد الثلاثة شهداء الاوائل تم ادخال حالتين مصابتين في وضع سيئ جدا حيث تجاهلت القوات الإسرائيلية نداءات الإستغاثة لإنقاذهم مما أدى إلى استشهادهما .
وتابعت " القضية الرئيسية لدى الإسرائيليين ليست قضية القافلة وإنما هي قضية كسر الحصار علي غزة وطالما هدف إسرائيل الحفاظ علي الحصار فلديها المبرر لارتكاب العديد من المجازر الصغرى ، بالإضافة إلي هذه المجزرة المرتكبة على القافلة ".
واختتمت قائلة :" القوة العسكرية والضحايا كانت تهدف لردع أي مبادرة مستقبلاً لفك الحصار عن غزة ، الهجوم مدبر مسبقا ، الجيش الإسرائيلي دخل ليقتل ، ولو عرفنا أنه سيهاجمنا لغيرنا اتجاهنا وإذا كانت إسرائيل بادرت لتقديم روايتها لخداع العالم ، فيجب عليها بث الصور الحقيقية التي تظهر كيف سقط الشهداء والجرحى ".
ولم تختلف رواية نولفر جتين زوجة قبطان سفينة مرمرة التركية عما سبق ، حيث أكدت قيام إسرائيل بمهاجمة أسطول الحرية في المياه الدولية ، قائلة :" استخدم الجنود الإسرائيليون القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع أثناء اقتحامهم للسفينة التي كانت في المياه الدولية " .
حازم فاروق
وفي معرض شهادته على مجزرة أسطول الحرية ، أكد حازم فاروق عضو البرلمان المصري عن جماعة الاخوان المسلمين أن أحدا لم يتوقع ما فعلته اسرائيل من هذه الاعتداءات الوحشية التي لم تمت للانسانية بأى صلة ، حيث كان الجنود الصهاينة يمارسون اعمالهم الوحشية وكانهم حيوانات مفترسة من خلال ممارساتهم التي قاموا بها على متن أسطول الحرية من خلال استخدام الرصاص الحي والمطاطي واستخدام العربدة دون مراعاة لقوانين أو أعراف.
ووصف فاروق ما حدث بأنه هجوم بربري ، خاصة بعدما قامت إسرائيل بالاعتداء على مدنيين عزل كل ذنبهم أنهم حاولوا كسر الحصار عن أهالي غزة ، مضيفا أنهم فوجئوا باستخدام الجنود الإسرائيليين للقنابل المسيلة للدموع كما منعوهم من إنقاذ المصابين والشهداء.
وأدان عضو البرلمان المصري الصمت الدولي المتخاذل وعلى رأسه الصمت الأمريكي الذى أصبح يمثل شرعية لتجاوزات إسرائيل وانتهاكها للقوانين الدولية ، منتقدا السلوك الامريكي فى رفضها إجراء التحقيق فى هذه الجرائم الوحشية التي قام بها هذا الكيان الصهيوني.
وأشار إلى أن ما فعلته إسرائيل كان ضد مدنيين عزل كانوا يحاولون تقديم بعض المعونات الغذائية والعلاجية لأهل قطاع غزة ، نافيا وجود أي أسلحة أو عصي ، ومبطلا الادعاءات والأكاذيب الإسرائيلية حول هذه المزاعم التي اعتادت عليها تل أبيب لتبرير أي جريمة تقترفها.
وتابع " ما حدث هو نموذج عالمي للقرصنة والإرهاب وانتهاك حقوق الانسان وانتهاك المواثيق والقوانين الدولية، وتساءل : كيف بعد كل هذا يتحدثون عن مبادرة سلام؟ أي سلام هذا الذى يتحدثون عنه؟، لافتا الى أن بعض اليهود المتطرفين كانوا فى استقبالهم حينما وصلوا إلى ميناء "اسدود" وكانوا يصفقون ويبتهجون ويوزعون الحلوى وكأنهم في محفل إزاء هذه المجزرة الانسانية ضد مدنيين عزل .
ووجه التحية إلى كل المشاركين في قافلة الحرية كما عزى الشعب التركي ، مشيرا إلى الزوجة التركية التي استشهد زوجها بجوارها وأكدت أنها قدمته هدية لغزة .
محمد البلتاجى
وأيد محمد البلتاجي عضو مجلس الشعب عن جماعة الإخوان أيضا في تصريحات لقناة "الجزيرة" في مطلع يونيو / حزيران ما ذكره حازم فاروق ، وقال : "إن الصمت لم يعد ممكنا تجاه هذه الانتهاكات الإسرائيلية وإن الشعوب تستطيع أن تفعل ما عجزت عنه الحكومات ، لافتا إلى أن أسطول الحرية كان مثالا مشرفا في مواجهة هذه الأعمال البربرية الإسرائيلية .
وانتقد البلتاجي رد الفعل الأمريكي الذى اعتبر أن هذا الأسطول ليس له داعي وروج لهذه الأكذوبة رغم استمرار هذا الحصار غير الشرعي تجاه شعب فلسطين فى قطاع غزة، منتقدا تجاهل الولايات المتحدة الأمريكية لهذه الجريمة التي ارتكبت فى حق ناشطين مدنيين أرادوا تقديم بعض المعونات لشعب محاصر .
وأضاف في شهادته أن ما حدث هو أفعال إجرامية وبربرية وحشية ، منتقدا الاعتداءات البشعة التي قام بها جنود إسرائيليون باستخدام القوة المفرطة فى اطلاق الرصاص والقنابل المسيلة للدموع واستخدام الرشاشات والمسدسات ، قائلا: "مع ذلك يروج الإعلام الصهيوني الى أن الناشطين كانوا يستخدمون بعض الاسلحة البيضاء ضد الجنود الاسرائيليين ليبرروا بربريتهم".
وتابع "اسرائيل رفضت أن يقوم شرفاء المجتمع الدولي بتقديم بعض المعونات الاغاثية لاهالى غزة بعد علمها بفضح أمرها إزاء هذه المحاولة لكسر الحصار عن غزة ، ما أرادت اسرائيل التعبير عنه هو ارسال رسالة رادعة مفادها أن أي شخص يحاول التضامن مع الشعب الفلسطيني المحاصر فى غزة فسوف يلقى مصير شرفاء أسطول الحرية وهو ما دفعها إلى استخدام القوة المفرطة فى التعامل مع الناشطين".
وبجانب ما سبق ، فإن مزاعم إسرائيل حول وجود من أسمتهم "إرهابيين" على متن أسطول الحرية انفضحت سريعا أيضا ، حيث أكدت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن أسطول الحرية الذي هاجمته إسرائيل واتهمته بمساعدة حركة حماس كان يحمل على متنه عدداً من الأجانب المعروفين عالمياً منهم الكاتب القصصي والمخرج السينمائي والصحفي والدبلوماسي والحائز على جائزة نوبل للسلام.
زوجة قبطان سفينة مرمرة
وأشارت إلى الناشطة "هويدا عراف" المولودة في أمريكا من أب من عرب إسرائيل وأم فلسطينية والتي أسست عام 2001 حركة التضامن الدولي.
وكان من بين الشخصيات المعروفة على متن الأسطول أيضا المخرج والصحفي الاسكتلندي حسان غاني ، والكاتب السويدي هينينج مانكل "62 عاما" وهو كاتب قصص بوليسية ناجحة ومعروف ، كما كشفت عن وجود 5 أمريكيين ضمن القافلة من بينهم السفير الأمريكي السابق إدوارد بيك ، وكان على متن الأسطول أيضا الايرلندي الحائز على جائزة نوبل للسلام مايريد ماجواير ، بل وكشفت صحيفة "أخبار العالم" التركية أيضا أن ناشطاً بريطانيا ضمن أسطول الحرية أشهر إسلامه من على متن سفينة "مرمرة"، موضحة أنه الناشط بيتر فيننر ويبلغ من العمر 63 عاما وقد شارك مع المتضامنين والنشطاء إيماناً منه بحق أهل غزة في الحياة.
استقالة باراك
ومع توالي الروايات والشهادات والحقائق السابقة ، بدأت عدد من الصحف الإسرائيلية في مهاجمة حكومة نتنياهو ، حيث أكدت صحيفة "هآرتس" أن إسرائيل خسرت في البحر أيضا فيما أسمتها حرب غزة الثانية ، مطالبة باستقالة وزير الحرب ايهود باراك للتخفيف من حدة التداعيات الكارثية للمجزرة ، فيا ذكرت "معاريف" أن إسرائيل لن تستطيع أن تخدع العالم فالهجوم حدث في المياه الدولية وظهرت كدولة قراصنة وستواجه مصير جنوب إفريقيا سابقا عندما كان يعتبر التعامل التجاري معها غير شرعي .
ورغم أن بيان مجلس الأمن لم يوجه إدانة صريحة لإسرائيل بسبب الاعتراض الأمريكي ، إلا أن حكومة نتنياهو في كل الأحوال لن تفلت من العقاب هذه المرة ، وهذا ما ظهر واضحا في انتقادات الصحف الإسرائيلية وفي خطاب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان أمام البرلمان في مطلع يونيو .
فقد وصف رئيس الوزراء التركي هجوم الكوماندوز الإسرائيلي على قافلة المساعدات المتجهة الى غزة بـ"المجزرة الدموية" ، مطالبا إسرائيل برفع"الحصار غير الإنساني الذي تفرضه على قطاع غزة بأسرع وقت ممكن.
وأضاف أن الهجوم الإسرائيلي على قافلة أسطول الحرية هو عمل دنيء يضرب فى الصميم الفلسفة الإنسانية للأمم المتحدة .
اردوجان يتوعد إسرائيل
واكد أردوجان فى كلمته أمام البرلمان التركي أن تركيا ليست دولة بلا جذور وليست هي الدولة التى يمكن لأحد أن يخضعها للاختبارات أو يحاول جس نبضها ، مشيرا إلى أنها ستواصل العمل على الحصول على حقها بكل الطرق والوسائل القانونية والدبلوماسية التى يكفلها القانون الدولى.
وطالب المجتمع الدولى بعدم الاكتفاء بالادانة والشجب ومتابعة عمله على تنفيذ ما جاء فى بيان مجلس الأمن الدولي بالتحقيق الدولى فى الهجوم وانتهاك إسرائيل للقوانين الدولية وقوانين الملاحة البحرية ومهاجمة سفينة مدنية فى المياه الدولية .
وتابع " على المجتمع الدولي أن يجري تحقيقا في العملية"، محذرا إسرائيل وسط تصفيق الحاضرين في البرلمان من "مغبة اختبار صبر تركيا".
ودعا أردوجان إلى "معاقبة إسرائيل بسبب المجزرة التي ارتكبتها بتنفيذ الهجوم الوقح وغير المسئول الذي شنته منتهكة القانون الدولي"، مشيرا إلى أن تل أبيب "بفعلتها داست على الكرامة الإنسانية لذلك فهي تستحق الإدانة وبكل تأكيد يجب أن تعاقب".
وقال رئيس الوزراء التركي :" إن الوقت قد حان لكي يقول المجتمع الدولي كفى وألا تتوقف الأمم المتحدة في قراراتها عند إدانة إسرائيل بل عليها أن تصر على تنفيذ قراراتها".
ورغم أن أردوجان لم يعلن أمام البرلمان عن الإجراءات المرتقبة ضد إسرائيل ، لكنه أوضح أن الضرر الذي لحق بالعلاقات الإسرائيلية التركية كبير جدا إذ قال :" نشهد اليوم بداية عصر جديد والأمور لن تكون أبدا بعد الآن كما كانت عليه ولن ندير أبدا ظهرنا للفلسطينيين".
والخلاصة أن إسرائيل وإن كانت منعت سفن أسطول الحرية من الوصول إلى غزة إلى أن رسالة النشطاء وصلت لكافة أرجاء العالم وتأكد الجميع أن الكيان الصهيوني لا يعرف سوى لغة القتل والإرهاب والبلطجة