يحرص الجميع على الاحتفال بعيد شم النسيم وأعياد الربيع في هذا الوقت من كل عام ، هذه المناسبة التي يرجع احتفال المصريين بها إلي عصر الفراعنة عام 2700 ق.م أي في أواخر الأسرة الفرعونية الثالثة ، ولو أن بعض المؤرخين يؤكد أنه كان معروفاً ضمن أعياد هليوبوليس ومدينة " أون " وكانوا يحتفلون به في عصر ما قبل الأسرات.
وأطلق الفراعنة على ذلك العيد اسم " عيد شموش" أي بعث الحياة ، وحُرِّف الاسم على مر الزمن، وخاصة في العصر القبطي إلى اسم " شم " وأضيفت إليه كلمة النسيم نسبة إلى نسمة الربيع التي تعلن وصوله.
وفي هذه المناسبة يحرص المحتفلون بعيد شم النسيم التوجه إلى الحدائق والحقول والمتنزهات ، ليكونوا في استقبال الشمس عند شروقها، وقد اعتادوا أن يحملوا معهم طعامهم وشرابهم، ويقضوا يومهم في الاحتفال بالعيد ابتداء من شروق الشمس حتى غروبها، وكانوا يحملون معهم أدوات لعبهم، ومعدات لهوهم، وآلات موسيقاهم، فتتزين الفتيات بعقود الياسمين " زهر الربيع " ، ويحمل الأطفال الزهور والورود المعبرة عن الربيع.
وعلى ذلك فقد اعتاد المصريون أن يحتفلوا بهذا اليوم بكل طقوسه من خروج في المتنزهات والأماكن المبهجة وتناول الأكلات الخاصة بهذا اليوم كالفسيخ والرنجا والملانة .
طقوس مضرة بالصحة
ويؤكد الخبراء أن هناك بعض الطقوس والتقاليد التي يعشقها الجميع في هذه المناسبة رغم خطورتها الشديدة على الصحة وعلى الحياة كلها وهي تناول الفسيخ والرنجا هذه الأكلة التي أشتهر بها يوم شم النسيم وارتبطت في أذهان الجميع فأصبح شم النسيم لا يحلو إلا بتناول هذه الأكلة الشهيرة .
وبالرغم من خطورة هذه الأكلات الشعبية ، وتحذير الأطباء من عدم تناولها ، لاحتوائها على نسبة كبيرة من الميكروبات والسموم وخلافه ، إلا أن أهالي مصر المحروسة لديهم الاستعداد لتحمل كافة العواقب في سبيل الحفاظ على طقوس هذه الأعياد كاملة دون نقصان .
ويحذر المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور عبد الرحمن شاهين من تناول الفسيخ ، موضحاً أن التسمم الناتج عن أكل الفسيخ يرجع إلى طريقة التحضير، والتي غالباً ما تكون غير آمنة من الناحية الصحية لقلة الملح الموجود بالفسيخ .
ويضيف أن " البعض قد يستخدم الأسماك الطافية على سطح الماء ، والتي ماتت وتعرضت لأشعة الشمس وتحللت وأصبحت لها رائحة كريهة، ثم يضيفون عليها قليلاً من الملح ويطرحونها للبيع على أنها فسيخ بعد ثلاثة أو أربعة أيام".
ويشير إلى أن السموم الموجودة بالفسيخ لا يبطل مفعولها وتأثيرها على الإنسان إلا إذا تعرض الفسيخ لدرجة حرارة مائة درجة مئوية لمدة 10 دقائق مثل عملية القلي في الزيت ، بيد أن محال بيع الأسماك المملحة تشهد مع هذا إقبالاً كبيراً على شراء هذه الأسماك .
يوم للترويح عن النفس
ولا تخلو هذه المناسبة أيضاً من الجدل علي الاقل من الجهة الدينية ، حيث يحرم البعض احتفال المسلمين بهذه المناسبة علي اعتبار أنها عادة فرعونية وثنية قديمة لا يجوز الاحتفال بها ، في حين يرى آخرون أن الخروج إلى المتنزهات والاحتفال به لا غبار عليه.
وحول يوم شم النسيم ومدي إباحة الخروج والتنزه للمسلمين ، يؤكد د. محمد فؤاد شاكر ـ أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة عين شمس ـ لـــ " لهــنّ " أن هذه الاحتفالية عادة اتخذها المسلمين من قديم الأزل ، موضحاً أن الإسلام دعا إلى المتعة المباحة الشرعية أي أن العواطف والوجدان والبدن لهم علينا حق الراحة بين الحين والأخر ، قال سيدنا على رضي الله عنه " روحوا القلوب ساعة وساعة فإن القلوب إذا كلت عميت " ، فلا مانع من الخروج والتنزه والاحتفال بهذا اليوم في جو الطبيعة ولكن بطريقة شرعية مباحة أي على المسلم آلا يجعل هذا اليوم عيداً بالنسبة له ويجعله يوم ترفيهي للخروج في أجواء الطبيعة فقط ويروح الناس فيها عن أنفسهم بغض النظر إن كانوا يشاركون غيرهم أو لا يشاركون أحد في هذه المناسبة .
ويضيف د. محمد أنه لا داعي لأن ننظر إلى هذا الموضوع من زاوية حرام أم حلال ودعونا ننظر لها من زاوية أنه يوم لإراحة البدن والنفس والوجدان وليس عيداً للاحتفال به .
ويوافقه الرأي الداعية الإسلامي منصور مندور ، مؤكداً لــ " لهــن " أن الخروج والتنزه في شم النسيم بالنسبة للمسلمين هو مباح وليس عليه أي مشاكل إذا تعاملنا معه على أنه تقليد اجتماعي أي من باب العادات والتقاليد والاجتماعيات والتخاطب والتحابب والتودد بين الناس وبعضها فهذا لا مانع فيه كيوم أجازة طبيعي يخرج الناس فيه ليجددون عما بداخلهم من عناء وتعب في العمل .
أما من ناحية العبادة يوضح الشيخ منصور أن هذا اليوم يحرم كعبادة ولا يجوز للمسلمين الخروج فيه بأي حال من الأحوال ولا يطلق عليه " عيد " لأن الأعياد في الدين الإسلامي معروف وهما عيد الفطر وعيد الأضحى فقط .