و المتحكم بحياتنا، وكثيرون منا علي عجلة من أمرهم، والهواء المتنفس غير نقي فضلا عن اكتظاظ المدن بالسكان، وصخب الأوقات التي تعتبر من الأسباب الرئيسية المؤدية للإصابة بحالة الضغط النفسي المزمنة.
تقول الشهيل ان القدرة التنفسية للكثيرين منا معوقة تماما. فجراء خوفنا و ذعرنا اللاواعي من البقاء وحيدين في مواجهة ما يعرف (بالعالم الكبير) نعامل بعضنا البعض بعجرفة وازدراء، ونبذل قصارى جهدنا لنحول دون تدفق مشاعرنا على نحو طبيعي، وعندما تعترض الانفعالات طريقنا، نرفض الإحساس بها، فنخنق تدفق أنفاسنا، وبالتالي نعيق تدفق طاقة الحياة، هذه الطاقة التي تحركنا في الاصل .
ولكن قلة من الناس أدركت قوي الشفاء والإبداع الخارقة التي يمكن للمرء أن يتمتع بها إن هو تعلم كيف يتمدد ويتحكم بتنفسه، ولن تفاجئك هذه الحقيقة عندما تدرك أن أنظمتنا التعليمية لا تعلمنا في أي من المناهج كيفية التنفس الصحيح.
التنفس الواعي
للتنفس الواعي قدرة علي تعزيز إمكانية مواجهة أية ظروف محتملة بوعي ورباطة جأش، فنحن نكتسب عبر التنفس المقدرة علي مواجهة كل ما يطرأ علي حياتنا وعالمنا بصورة إبداعية ومن دون الحاجة الي الإنكار أو الذعر.
وتؤكد د. نورما ميلانوفيتشي مؤلفة كتاب (التنفس) في احدي كتبها على أن التنفس الواعي والشامل هو مفتاح التحكم بالقوة الالكترونية للكون، وهذه الإفادة الفريدة من نوعها تتوافق مع المعني العميق لما قد يعتبره الكثيرون معجزات، كالتغلب علي الأمراض المهددة للحياة، والإدمان والاضطرابات النفسية، وغيرها من الحقائق التي تؤكد أن التحولات الصحية تشكل نتيجة طبيعية للعودة إلى جوهر الوجود. والتنفس قد يقودنا إلى هذا السبيل.
كيف تتنفس؟
التنفس التحولي هو تعليم الآخرين كيفية التنفس بعمق وملء الرئتين، هذا ما تقوله الشهيل وتوضح أن الاختصاصيين يعملون على المساعدة علي اكتشاف أشكال تنفسهم الخاصة والمقيدة، وعلي إعادة تمرينها. وإن هذا التمرين الذي يمارس في جلسات مدة كل منها ساعة واحدة يشكل طريقة علاجية ذاتية تستخدم فيها طاقة ذات ذبذبات عالية للقضاء علي الذاكرة المقيدة ذات الشحنة المنخفضة الذبذبات.
هذه الحالة ذات ذبذبات عالية وناجمة عن شكل رئيسي في التنفس محدد يسمح بالانحلال العميق لما يسميه الدكتور واين داير ، وهذا يحدث لأن الطاقة المرتفعة الذبذبات تؤدي إلى التكامل على مستويات الوجود الثلاثة وهي (الجسد والفكر والروح).
إن هذا الشكل المتطور من أشكال المعالجة بالتنفس يسمح لنا بأن نستمد طاقة لا متناهية ونكتشف من نحن في أعمق أعماقنا وعندها، يصبح الشكل التنفسي الشامل والطليق والمترابط الذي كان يمارس في الجلسات التنفسية جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية، فبعد إتمام بضع جلسات مع مدرب علي التنفس (أو مساعد)، يزداد مقدار الأوكسجين الذي نستنشقه وتزداد معه طاقتنا وحيويتنا.
وسرعان ما نشعر بتحرر جديد من أجل اختبار الحالات الطبيعية للفرح والحب غير المشروط والقوة المسالمة، ومن أجل التعبير عن هذه الحالات المتاحة بوفرة لكل منا، بغض النظر عن الأحداث الخارجية، لا بل ويمكننا أن نكسب الثقة الراسخة التي نحتاجها كي نؤمن بقوة الحب في مواجهة المشاكل التي قد تعصف به.
تري الشهيل ان التنفس التحولي يقربنا أكثر من خالق الكون بحيث تزداد رؤيتنا الداخلية وضوحا ويصبح بمقدورنا أن نتخذ التدبير الملائم في الوقت المناسب عوضاً عن أن يصيبنا الجزع في مواجهة التغير الوشيك. وعندها يتسنى لنا أيضاً أن نؤثر في الكون علي نحو ايجابي، فنحن عندما نتقبله ونقدره، نجد في ذاتنا أماناً مطلقاً لأننا سنعلم عندها كيف نجذب ما نريده بدلاً من أن نحاول الحصول عليه.
لخوض حياة مثيرة
عند هذه النقطة نبدأ بتهيئة أنفسنا لخوض مغامرات مثيرة في الحياة بدلاً من أن نختبئ من الأفكار المشئومة والسوداوية. فإن هذا التغيير في الرؤيا والطاقة للاستجابة بفعالية يجعلان من المشاكل المتوقعة فرصاً يمكن الإفادة منها. وإذ ذاك، تتجلي فكرة إنكار الظروف أو مقاومتها كنوع من التدمير الذاتي غير الضروري.
وتنوه الشهيل علي أهمية التنفس بحرية لتحرير العقول وجعلكم تحددون متى وأين توجهون اهتمامكم وتقضون أوقاتكم بغية تحقيق نتائج قصوى، أضف إلى ذلك أن التنفس بحرية يجعلك تعلم ما هي الغايات التي تود تحقيقها لما فيه خير لكافة المعنيين، ويبقي الأمل بأن تسمح لتنفسك التحولي بأن يعيد تركيز انتباهك علي القوة الهائلة التي تنطوي عليها صلتك الأساسية بالله.
طريق للشفاء الذاتي
بعد معاينة آلاف الاشخاص والمجموعات ومن خلال الجلسات الخاصة التي قامت بها الشهيل، تم اكتشاف أن 80% منهم تقريباً يعانون من أشكال تنفسية مقيدة. وإن نسبة الهواء التي يستنشقها كل من هؤلاء لا تتعدي كمعدل وسيط 20 الي 30% من سعة رئتيه الفعلية. وباعتبار أننا نحرم خلايانا من الأوكسجين، لا ينبغي ان نتعجب لانتشار وباء التعب والاجهاد بين الناس، فنحن وعن غير قصد نحرم أنفسنا من عنصر الطاقة الأكثر أهمية، ونبتعد عن امكانية تمتعنا بالصحة القصوي.
توضح الشهيل ارتباط التنفس الضحل بعدد هائل من الاضطرابات الجسدية والعاطفية والأمراض المستعصية، فالـ د. جوديت كرافيتز تتحدث عن تجربتها مع المرض بقولها: (لم أشف الا بنفسي، وقد ادركت أن الشفاء علي اختلاف أنواعه هو شفاء ذاتي. ولكن اذا القينا بمسؤولية الحفاظ علي صحتنا علي عاتق شخص آخر كمدرب التنفس او الطبيب، نتخلي بذلك عن مقدرتنا الفطرية علي الشفاء).
فوائد التنفس
اذا كان التنفس هو العملية الايضية المستقلة واللاارادية الوحيدة التي يمكن أن تصبح إرادية ما إن نتخذ قراراً واعياً بالتنفس، وبما أن الجسد يواصل التنفس علي هواه إن تم تجاهله، لا غرابة في أن ينظر كثيرون منا الي التنفس علي انه أمر مسلم به.وتتجلي فوائد التنفس الواعي بشكل فوري، من دون الاضطرار إلى الانتظار، فبمقدور أي شخص أن يبدل أشكال تنفسه في أي وقت كان، بمجرد أن نقرر التحكم بآلية تنفسنا، وعندها يصبح بمقدورنا أن نختبر كل من الحالة الجسدية والعقلية الايجابية بغض النظر عن الظروف المحيطة بنا.
من هنا تتجلي أهمية الاستفادة من مقدرتك علي التحكم بآلية تنفسك وتفضل الخضوع للحالات النفسية التي تنتابك.
جلسة تنفس
وفي نظرة عامة حول جلسة التنفس يمكن توضيح ان كل جلسة لها ان تكون مميزة، ولها آلياتها التي تقوم عليها، والتي قد تستغرق الساعة أو الساعة والنصف، تكون بدايتها مقابلة قصيرة يطلب خلالها المدرب تزويده ببعض المعلومات الشخصية الهامة، وقد يكون من المفيد أيضاً أن تتحدث بإيجاز عن تطلعاتك والمشاعر التي تنتابك في ما يتعلق بظروف حياتك.
المكان المريح والوسائد والملاءات هي ما تكون حولك عند إقبالك علي الجلسة، والشعور بالراحة والهدوء هو ما تشعر به مع مدربك، فضلا عن الشعور بالتحرر.خاتمة
كل ما ورد هنا قد يبدو جديداً بالنسبة الي الحضارة المعاصرة، ولكنه في الواقع إعادة إحياء لعلم قديم، وقد برز توجهنا نحو هذا العلم في هذا الوقت تحديدا نظرا لحاجتنا الضرورية إلى إحداث تغيير ايجابي في عالمنا. ويبدو لي أن الشفاء الذاتي والتنفس التحولي يشكلان هبة منحت للبشرية كي ننقذ أنفسنا في وقت بات تدميرنا لذاتنا أمراً ممكناً.
فنحن علي عتبة عصر تلوح النبوءات في آفاقه، وقد أضحي جلياً أن كيفية تجاوبنا مع التحديات الحالية من شأنها أن تحدد الحصيلة الدنيوية، بل من المحتمل أن يتغير نمط حياتنا المعاصر علي نحو جذري نظراً لافتقارنا الي الحكمة في التطورات التقنية التي نحققها.
تمرن على التنفس الصحيح والواعي
هذا التمرين يتيح لك تكوين فكرة أولية عما يمكن أن يحققه التنفس الواعي..
ابحث عن مكان مناسب، اجلس أو استلق في وضعية مريحة ثم استسلم للهدوء. فكر في ما تشعربه في تلك اللحظة في جسدك وعقلك، ضع يديك علي بطنك واضغط بقوة، افتح فمك قدر المستطاع ودع فكك يسترخي ثم استنشق قدر ما تستطيع من الهواء، تنفس عبر فمك وحسب، ودع الهواء الذي تستنشقه حده الأقصي وتشعر أنك ما عدت قادراً علي استنشاق ذرة هواء أخري، لا تنتظر، بل ازفر هذا الهواء عبر تنهيدة طويلة وصامتة، ثم استنشق الهواء مجدداً كما فعلت في السابق.
في هذه الأثناء ابتسم في دخيلتك وفكر في ما كنت خلاياك ستقوله لو أنها قادرة علي الكلام (شكرا لك، كنا في أمس الحاجة إلي الأوكسجين)، حاول أن تستحسن ما تقوم به، تنفس خمس عشرة مرة من دون أن تتوقف بين الشهيق والزفير، وسأطلب منك الآن أن تعقد اتفاقاً مع نفسك بأن تأخذ ثلاثة أنفاس عميقة ومترابطة كلما شعرت بالتوتر.
**********
فوائــد التنفس العميق(البطــني )
إنّ التنفّس منعكس طبيعيّ، إذ أنّ كلّ إنسان يتنفّس بطريقة عفوية، لهذا يعتقد البعض أنّ هذا كاف. لكن، إذا نظرنا إلى الحقيقة نجد أنّه من الضّروريّ تحسين كلّ ما بإمكاننا القيام به من نشاط، إن كان حيويّا كالتنفّس، أو نشاطا اجتماعيّا، رياضيّا، أو ثقافيّا.
فلو كانت كلّ الأمور تترك بشكلها الطّبيعيّ العفويّ، دون أدنى تدخّل لتطويرها، لبقى الإنسان متخلّفا في كلّ تلك المجالات المتنوّعة لذا فالأمر ليس بالبساطة التي نعتقد، لأنّ الاجتهاد في كلّ الميادين ضرورة، فلولاه لماذا نتعلّم الرّقص ما دمنا نعرف المشي، أو لماذا نتفنّن في الرّسم وتعلّم فنّ التّخطيط ما دمنا نتقن الكتابة العادية.
لذا نقول أنّنا حقيقة نتنفّس، لكن بإمكاننا تحسين طريقة تنفّسنا لتعود علينا بفوائد صحّية أكثر و من أهمّ هذه الفوائد ما يلي:
1) القدرة علـى تجديد الطّاقة الداّخلية و توجيهها حسب الاحتياجات الشّخصية في مناسبات عدّة.
2) القدرة علـى ضبط النّفس و التصرّف بحكمة في مواقف مختلفة.
وحتّى أنّ تطوير فكرة الإحساس بالدانتيان(le dantien) ما يسمّى بالهارسابقا (le hara) يمكنها التّأثير الإيجابيّ علـى كلّ المواقف، في الحياة اليوميّة للشّخص الّذي يمارس هذا التنفّس بانتظام، و هذا التّأثير يكون إيجابيّا علـى الصّحة العقليّة و الجسديّة، و علـى القوّة، و الثّقة بالنّفس، و علـى نبرات الصّوت.
تّدريجيّا، يمكن القضاء و السّيطرة علـى الخجل timidité la والتردّد في قضاء الأمور أو في تحديد المواقف، هذا ما يسمح بتجنّب مشاكل اجتماعيّة مختلفـة، لأنّ الفكر أو العقل، و الحركـات الجسميّـة تجد مركز ثقل مشترك، وانسجام يجعل منك إنسانا متّزنا و واثقا.
مركز الثقل هذا يمثّله الدانتيان le dantien الّذي يقع تصوّريا أسفل البطن تحت السرّة بعرض ثلاثة أصابع كما سبق لنا ذكره، وهو الّذي يحتاج إلى تطوير إحساسنا الذّهني بوجوده.
3) إعطاء مسحة مشرقة للوجه، إن كان للمرأة أو للرّجل، لأنّ التنفّس العميق يحرّك الطّاقة الدّاخليّة للجسم، و بحركة الحجاب الحاجز خلال هذه العمليّة، يقوم هذا الأخيـر بضغط علـى الأعضاء فـي التّجويف البطنـيّ، وكأنّه يقوم بتدليكها فيسمح ذلك بتخلّص الأنبوب الهضميّ من الغازات، فيتحسّن الهضم، و ينعكس ذلك بحالة من الهدوء و التّوازن الّتي تظهر علـى الوجه. ضف إلى ذلك تحسّن الدّورة الدّمويّة الّتي لها دورا فعّالا في الإشراقة الدّائمة.
4) إعطاء حضور في مناسبات مختلفة، كالإشراف علـى ترأّس الاجتماعات، أو المشاركة في المسابقات الرّياضيّة أو الثقافيّة، أو الظّهور في الحفلات العامّة.
5) التخلّص من البخر أي الرّائحة الكريهة التي تنبعث من الفم، رغم تطبيق كلّ القواعد الصّحية لنظافة الأسنان أو الابتعاد عن الأطعمة التي تترك آثار رائحتها في الفم. يتمّ التخلّص من ذلك إذن بالإسترخاء والتنفّس البطنيّ، حيث يساعدان كثيرا علـى التخلّص من هذه الرّائحة الكريهة، الّتي تنطلق أحيانا أثناء الكلام أو عند الضّحك.
أمّا عن أسباب وجود هذه الرّائحة في الفم، فهي الحموضة المعدية الناّتجة عن سوء الهضم بسبب التوتّر و الانفعالات، كما يمكن أن تكون بسبب التنفّس السّطحي عند الأشخاص المتوتّرين، حيث يتمّ إنحباس الهواء في عمق الرئتين، فلا يتجدّد إلاّ بالتنفّس البطنيّ العميق. كما يجدر التّذكير ثانية أنّ هذه الطّريقة التنفّسية تساعد كثيرا في تحسين الهضم.
6) التحضير للولادة: إنّ ممارسة التنفّس البطنيّ العميق، عمليّة مهمّة جدّا للمرأة الحامل، و الّتي هي مستعدّة للولادة، فهذا النّوع من الممارسة يقوّي لديها عضلات البطن، و يزيد من مرونتها، ممّا يساعدها في عمليّة الولادة. حيث تكون مشاركتها في العمل التّوليديّ ذات أهمّية قصوى لها و حتّى لجنينها، فهي تساعدها في الحصول علـى الطّاقة الدّاخلية لتضمن فعالية أكثر في توازنها العقليّ، والانفعاليّ، مدّة الحمل وبعد الولادة.
7) التّخفيف من الألم: بعض أنواع الألم الخفيف يتطلّب مسكّنات معيّنة لكن يمكن التخلّص منها باستعمال التنفّس العميق، فإذا كنت ممارسا لهذا التنفّس العميق، صار لديك القدرة علـى توجيه طاقتك الدّاخلية ذهنيّا، في اتّجاه المنطقة الّتي تؤلمك، إن كانت آلاما ناتجة عن التوتّر، أو عن الانفعالات الّتي يمكن أن تحسّها في العنق، أو في المنطقة القفوية، أو حتّى الألم الرّوماتيزميّ.
8) تعجيل فترة النّقاهة: لكلّ من هو في فترة أو مرحلة نقاهة، أو من هو يقوم بعلاج فيزيائيّ لإعادة تأهيل أحد أطرا فه، فإنّ التنفّس البطنيّ يساعد كثيرا.
بالنّسبة للمريض الّذي عليه ملازمة فراشه، فبإمكانه القيام بهذه الممارسة في وضعية التمدّد، مع الحرص علـى التنفّس البطنيّ، و ذلك بأن يضبط حركات بطنه مع عمليات الشّهيق، إلاّ أن أغلبية النّاس في حالات الإصابات المختلفة أو حدوث الجروح تجدهم يبالغون في الحفاظ علـى العضو المصاب، فتراهم يتجنّبون تحريكه و هم لا يعلمون أنّهم بهذا يحدّون أو يضعفون تنفّسهم، فيصير تنفّسهم سطحيّا، معنى هذا أنّ كمّية الأكسجين في الدّم تنقص، كما تنقص الطّاقة الدّاخلية، و هذا ما ينعكس سلبا علـى سرعة شفاء المريض.
9) الوقاية من الشّيخوخة المبكّرة: تظهر في سنّ الشّيخوخة مشاكل مختلفة منها ضيق التنفّس، آلام في عضلات الصّدر، نبرات صوتية مزعجة، توتر. . . . . الخ. كل هذا راجع إلى سوء العادات التنفّسية و أكثرها شيوعا التنفّس السّطحيّ.
إذا انتبهت و أنت في ربيع عمرك، إلى تزويد جسمك بالطّاقة الدّاخلية النّاتجة عن التنفّس البطنيّ، بتطوير النّقطة المركزيّة المتمثّلة فـي الدانتيان le dantien و الّتي سبقت الإشارة إليها، فإنّك بتقدّمك في العمر، سيمكنك تجديد هذه الطّاقة الدّاخلية، الّتي إذا نقصت أو استهلكت كلّها، فإنّ تيّار الطّاقة سينقطع تدريجيّا، ليؤثّر بوضوح في بداية الأمر علـى الأطراف، أي في الأصابع، ثم اليدين، و القدمين، ثم إلى الذّراعين، و السّاقين، لأنّ المفاصل تحرّكها في حقيقة الأمر طاقة داخليّة.
10) تحسين الصّوت و النّطق: كلّ النّشاطات اليوميّة الّتي يقوم بها الإنسان، تتأثّر كلّ التّأثر بالتنفّس، و أكثرها حاجة لذلك هي، النّشاطات الشّفهيّة أي تلك الّتي تعتمد علـى النّطق، إذ أنّ تنفّسـا صحيحا، يزيـل توتّرات الجهاز الصّوتيّ، الّتي تكون غالبا وراء كل عيوب الصّوت الّتي نعرفها مثل البحّة Enrouement، أو الارتجافChevrotement ، أو الخنّة nasillement، أو حتّى ضعف الصّوت.
لتصحيح هذه العيوب يجب الاعتماد علـى تصحيح طريقة التنفّس بالانتباه في ما إذا تمّ تحويل هواء الشّهيق إلى طاقة داخليّة كما أسلفنا، و ذلك قبل إخراجه في عمليّة الزّفير.
بهذا نرى أن النّفـس هو أساس التّصويت، لذا يبدو منطقيّا الحصول علـى تنفّس يضمن الطّاقة، و التحكّم في كلّ أشكال التّعابيرالصّوتية.
إنّ صوت الإنسان يعبّر عن صورته تماما، مثلما يعبّر عليها الشّكل الجسديّ أو المظهر الخارجيّ.
صفات كثيرة لها ارتباط وثيق بنوعيّة الصّوت، يمكن من خلالها الحكم على الشّخصيّة، والطّباع، والحالة الفكريّة، ودرجة قوّة التّأثير على الآخرين