شبهت مجلة "فورين بولسي" الأمريكية خلافة الرئيس المصري حسني مبارك بـ"القنبلة الموقوتة"، التي ربما تعد أكثر إقلاقاً وتهديداً من زعزعة رئاسة باراك أوباما، وخصوصاً أن أحداً لا يعلم ميعاد انفجارها، مضيفة أن وفاة مبارك أو استمراره في الحكم ربما يلقي بأكبر بلد عربي إلى حالة من الفوضى.
وقالت المجلة إن مبارك ، 81 عاماً، ربما يترك منصبه أسرع مما يتخيل أحد، وهو ما من شأنه أن يخلف فراغا في السلطة يمكن أن يدخل "هذا الحليف" ومواطنيه الـ 83 مليون والنظام السياسي الإقليمي في وضع هش وشلل حتمي.
غير أن المجلة ذكرت في الوقت نفسه أن الفرصة لا تزال أمام مبارك لكي يبقى في السلطة لبضع سنوات أخرى. إذ ليس من المرجح أن يتخلى عن منصبه طوعا. وسبق أن تحدث أمام مجلس الشعب المصري "البرلمان" قائلا أنه سيبقى في منصبه "حتى آخر نفس في صدري وحتى أخر نبض في قلبي".
وتابعت المجلة أن جمال مبارك نجل الرئيس سوف يكون الرئيس المقبل, وفقاً للتغييرات المُحكمة التي طرأت على الدستور وأنه ربما يكون مقبولاً لدى طبقة رجال الأعمال، غير أنه لا يحظى بشعبية كبيرة، وأنه في حال اعتلائه الرئاسة فيمكن أن يؤدي ذلك لانقلاب قد يكون عسكري تقليدي أو سلمي "مخملي" يوصل مسؤولاً عسكرياً كبيراً إلى قمة هرم الحزب الحاكم.
وأشارت المجلة في تحليلها إلى أنّ جماعة الإخوان المسلمين، "وهي المعارضة الوحيدة التي تستحق الذكر"، تنتظر حدوث فراغ في السلطة". وفي هذا الشأن يقول مسؤول استخباري غربي إنّ لدى النظام خطة مفصّلة لإغلاق العاصمة القاهرة لتفادي وقوع انقلاب.
وقالت المجلة إن "الوضع يبدو سيئا ولكن البديل سيكون أكثر سوءا، وهو بقاء مبارك في السلطة لكي يترشح للمرة السادسة في عام 2011 وليحكم مصر حتى الشيخوخة". وهو الامر الذي يعيد إلى الأذهان نموذج الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة الذي بقي في الحكم ثلاثين عاما إلى أن جرى تنحيته بـ "انقلاب صحي" عن عمر يناهز 84 عاما.
وأضافت ربما يكون الأسوأ لمصر أن تمتد حالة الشك الحالية، مع رئيس يتزايد وهناً وعدم قدرة على الحكم، مما يؤدي إلى تآكل سلطة النظام الأخلاقية وتضاعُف مراكز القوة به، دون نهاية منظورة.
وألمحت المجلة إلى مفارقة تتمثل في أن من يصفون أنفسهم بالمعارضين الديمقراطيين، هم من يدافعون عن حدوث مثل ذلك التدخل من قِبل القوات المسلحة، حيث انهم يعتقدون أن الحكم العسكري قد يمهد الطريق أمام الديمقراطية، بينما يمثل جمال من منظور أخر، فترة رئاسة جديدة لمبارك مدى الحياة.
ومن جانب أخر، ربما تتجمد المبادرات المصرية في المنطقة مثل محاولاتها إعادة الوفاق بين الفصيلين الفلسطينيين "فتح" و"حماس" ومشاركتها في عملية السلام السودانية، كما يقلق الوضع حلفاء مصر الرئيسيين كالولايات المتحدة والسعودية وجيرانها كإسرائيل ممن ربما يأخذ الوضع منحاً ضد مصالحهم وربما يميلون إلى التدخل، غير أنهم سوف يعملون في الخفاء.
ونقلت المجلة عن مسئولين في إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش قولهم إن وزارة الخارجية الأمريكية غير مجهزة بقدر كافي لرحيل مبارك وإنه حينما تحين اللحظة فإن الدبلوماسيين الأمريكيين سيهرولون لاستيعاب مصير كبرى حلفائها العرب، التي مثُل تحالفها مركزاً لخطط الولايات المتحدة بالمنطقة منذ قرابة ثلاثة عقود.
تصريحات مثيرة للفقي
كان د.مصطفى الفقى ، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب المصري "البرلمان" قال لصحيفة "المصري اليوم" المستقلة الاسبوع الماضي ، إن الرئيس حسنى مبارك سوف يكون مرشح الحزب الوطني الحاكم في الانتخابات الرئاسية المقبلة والمقررة العام القادم، مشيرا إلى "أن الرئيس أكد أنه سيظل يعمل لصالح مصر حتى آخر نفس فى حياته، وبالتالي لن يتخلى عن أى فترة فى رئاسته، خاصة أن لياقته البدنية والذهنية حالياً فى أفضل أوضاعها".
كما استبعد الفقي قيام الرئيس مبارك بتعيين نائبا له نزولا على رغبة المعارضة، مشيرا إلى أن "الوقت متأخر للغاية ولا أعتقد أن هذا الأمر وارد وقد بقى على تجديد انتخاب الرئيس قرابة أقل من العامين".
وقال من الطبيعي ان يكون هناك قلق بين المصريين على منصب الرئاسة "لأن منصب الرئيس فى مصر خطير للغاية لأن منصبه هو الأساس الذى يحرك كل مناحى الحياة".
وحول ما يثار عن توريث الحكم لنجل الرئيس، جمال مبارك، قال الفقي: "جمال مبارك من الممكن أن يرشح نفسه فى حالة فراغ منصب الرئيس، ولكن فى حالة وجود الوالد فإن هذا الأمر ليس مطروحا على الإطلاق".
وحول موقف المؤسسة العسكرية في حال ترشح جمال لمنصب الرئاسة، قال الففقي: "أعتقد أن المؤسسة العسكرية ستبارك ذلك"، ليصبح جمال مبارك أول رئيس مدنى لمصر، ولكنه ، حسب الفقي، "هو رئيس مدنى لكن ابن رئيس عسكرى وتعيينه أو اختياره جزء من الولاء لابيه أولاً، وأن اختياره أكثر طرق الاستقرار فى ظل عدم وجود نائب للرئيس وفى ظل تعدد الأسماء المطروحة".
وحول رأيه في المادة 76 المثيرة للجدل، قال الفقي: "مادة صعبة وطويلة وكتبها من كتبوها بعناية وعينهم على أهداف معينة".. "يريدون أن يضمنوا الرئيس القادم لمصر من الحزب الوطنى" .. "لا أستطيع أن أقول إن جمال مبارك أعطاهم هذه التعليمات ولا الرئيس لكن أنت تعلم أن فى كل نظام هناك من يريدون الخدمة ويقرأون العيون ولا يستمعون إلى الحديث فالمسائل سهلة".
وألمح الفقي إلى إمكانية تعديل المادة "77"، قائلا: "أعتقد أن هذا هو الكارت الأخير الذى يمكن تقديمه لتمرير أى موقف فيما بعد، إذا أعلنت أن المادة 77 للرئيس مدتان لا تزيدان فسوف تكون إمكانية وصول السيد جمال مبارك إلى الحكم 90%".
الإثنين أغسطس 20, 2018 4:53 am من طرف 
