بعد اختيار بديع ..إخوان مصر يودعون السياسة

ما أن أعلن يوم السبت الموافق 16 يناير / كانون الثاني عن اختيار الدكتور محمد بديع مرشدا عاما ثامنا لجماعة الإخوان المسلمين ، إلا وثارت التساؤلات حول مستقبل الجماعة في فترة ما بعد محمد مهدي عاكف.

ويبدو أن الإجابة لم تتأخر كثيرا وظهرت في تصريحات المرشد الجديد نفسه ، حيث بعث بشكل مستتر برسالة طمأنة للنظام المصري بأن اختياره يعني ابتعاد الجماعة عن السياسة وتركيزها على العمل الديني والاجتماعي على خلاف سلفه محمد مهدي عاكف والذي كان يركز على العمل السياسي أكثر من الدعوي وهو الأمر الذي كلف الجماعة الكثير من التضييق والاعتقالات والصدام مع الحكومة .
وكان بديع أكد خلال حفل إعلانه مرشدا ثامنا للجماعة أن الإخوان لم يكونوا في يوم من الأيام خصوما للأنظمة الحاكمة وإن كان بعضها دائم التضييق عليهم والمصادرة لأموالهم وأرزاقهم والاعتقال المستمر لأفرادهم .

وأضاف " لكن الإخوان لا يترددون أبدا في الكشف عن الفساد في كل المجالات ولا يتأخرون في توجيه النصائح وتقديم المقترحات للخروج من الأزمات المتلاحقة التي تتعرض لها بلادنا ويربون أبناء وبنات الأمة على الأخلاق والفضائل والنفع للآخرين وهذا كله يصب في مصلحة الوطن والمواطنين ومؤسسات الدولة".
وتابع " الإخوان يؤمنون بالتدرج في الإصلاح، وأن ذلك لا يتم إلا بأسلوب سلمي ونضال دستوري قائم على الإقناع والحوار وعدم الإكراه ، ولذلك فهم يرفضون العنف ويدينونه بكل أشكاله سواء من جانب الحكومات أو من جانب الأفراد أو الجماعات أو المؤسسات".
التصريحات السابقة تكشف معالم سياسة الجماعة في الفترة المقبلة وتؤكد أن الإخوان انحازوا للتيار المحافظ التقليدي والتركيز على البناء الداخلي وترتيب البيت الذي شهد انقساما علنيا مؤخرا ، ولعل تأكيده على نبذ العنف لم يكن مقصودا به طمأنة النظام فقط وإنما طمأنة أقباط مصر أيضا عبر نبذ العنف الطائفي .
ويظل التساؤل الذي يشغل الجميع " هل ينجح بديع بالفعل في النأي بالجماعة عن السياسة أم أن تصريحاته مجرد مناورة لالتقاط الأنفاس ؟ ".
التفسيرات تباينت في هذا الصدد ، فهناك من يشكك في قدرة بديع على رأب الصدع داخل الجماعة لعدة أسباب منها : الخلاف حول انتخابات مكتب الإرشاد وغياب عدد من قيادات الإخوان عن حفل تنصيب بديع اعتراضا على طريقة اختياره ، حيث ترددت تقارير حول نشوب خلافات بين الجماعة وقادة فروعها في الخارج حول شخصية المرشد الجديد ، ففي حين أصر "إخوان مصر" على تسمية بديع الذي تمكن من حصد 66 صوتاً من أصل 100 هم أعضاء مجلس الشورى العام في مصر ، كان "إخوان الخارج" أكثر ميلاً إلى اختيار مسئول قسم الطلبة في الجماعة الدكتور رشاد البيومي كونه الأكبر سناً (75 سنة) وكذلك نظراً إلى علاقته التنظيمية القوية بإخوان الخارج .
وفي المقابل ، يرى البعض الآخر أن بديع الذي ينتمي للجناح المحافظ في الجماعة الذي يسمى جناح "القطبيين" نسبة إلى المفكر سيد قطب الذي أعدم شنقا عام 1966 جاء اختياره مرشدا ثامنا ليؤكد انتصار التيار المحافظ بعد انتخابات مكتب الإرشاد التي أجريت اواخر العام الماضي وشهدت تقدما للمحافظين وتراجعا للتيار الإصلاحي ، الأمر الذي دفع محمد حبيب أبرز رموز التيار الأخير للاستقالة من عضوية الجماعة .

بديع خلال حفل تنصيبه
ومع أن اختيار مرشد ذي توجهات محافظة مثل محمد بديع ربما يجعل الجماعة تنكفئ على نفسها خلال الفترة المقبلة بعدما اتسع نشاطها السياسي بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية وهو ما بلغ ذروته مع فوزالإخوان المسلمين بثمانية وثمانين مقعدا في البرلمان المصري في الانتخابات الأخيرة ، فإن أنصار بديع يعولون على علاقاته الخارجية التي بدأ نسجها خلال فترة إقامته باليمن في ثمانينيات القرن الماضي في ترسيخ مكانة الجماعة بشكل أكبر على الصعيد الإقليمي بل والدولي وبالتالي استقطاب تأييد إخوان الخارج الذي عارضوا اختياره خلفا للمرشد السابق محمد مهدي عاكف.
هذا بالإضافة إلى أن المقربين من بديع يصفونه بصاحب الذاكرة الحديدية ويؤكدون أنه من بين القلائل الذين نجحوا في الجمع بين التميز في العلوم الدينية والتفوق في التخصص العلمي إلى حد إدراج اسمه في موسوعة أبرز مائة شخصية علمية في العالم العربي وهو الأمر الذي يرجح نجاحه في رأب الصدع داخل الجماعة من وجهة نظرهم .
وأيا كانت صحة التفسيرات السابقة ، فإن الأمر الذي يحظى بإجماع المراقبين هو أن اختيار مرشدا محافظا للإخوان المسلمين من شأنه أن يؤدي لابتعاد الجماعة عن السياسة وتركيزها على العمل الديني والاجتماعي خاصة وأن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية ورئاسية ، وبالتالي فإن أي صدام مع الحكومة يعني مزيدا من القيود والاعتقالات ، وهذا ما حاول محمد بديع منعه منذ بدء مهامه .
المرشد الجديد
ومحمد بديع الذي يبلغ من العمر 66 عاما ويعتبر ثامن مرشد لجماعة الإخوان المسلمين كان عضوا في مكتب الإرشاد منذ عام 1993 وهو يعمل أيضا أستاذا للعلوم البيطرية في جامعة بني سويف.
ولد فى مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية شمال القاهرة عام 1943 وهو ابن لتاجر أقطان وقد انتقل بعد ذلك من مكان ولادته في دلتا النيل إلى العاصمة ليلتحق بكلية الطب البيطري في جامعة القاهرة عام 1959 ليستهل حياته العملية بعد ذلك بخمسة أعوام معيدا في جامعة أسيوط جنوبي البلاد.
بدأ مشواره مع الإخوان مع انضمامه للمجموعة التي شكلها القيادي البارز سيد قطب لينتهي به المطاف إلى المثول أمام المحكمة متهما فيما عرف بقضية "تنظيم سيد قطب" عام 1965 حيث صدر ضده حكم بالسجن عشر سنوات وبعد الإفراج عنه سافر إلى اليمن ليعود منها إلى العمل فى جامعة بنى سويف وعرف منذ تلك اللحظة بأبرز رموز ما يسمى بمجموعة "القطبيين" داخل الإخوان المسلمين وذاع صيته فيما بعد بشكل كبير بعدما نجح في توسيع دائرة نفوذ الجماعة في صعيد مصر ليتوج مسيرته في 16 يناير 2010 باختياره مرشدا ثامنا للإخوان .

يعطيك العافية

وبإنتظار جديدك وتواصلك

دمتم بكل ود

خالص تقديري وشكري

تداول السلطة بالطرق السلمية

حلم اما آن له ان يتحقق

شكرا لك سيدتى على مرورك

» اضحك مع السياسة
» له آراء مثيرة وفتاوى صادمة اختيار الطيب شيخا للأزهر مازال لغزا محيرا!!