صحيفة "لاستامبا" الإيطالية، أنه: "على الرغم من وجود عقبات فى طريق وصول جمال مبارك ، نجل الرئيس المصري، لحكم مصر، فإن عملية التوريث أصبحت سائدة فى المنطقة بعد تولى الرئيس السورى بشار الأسد حكم البلاد خلفا لأبيه.
وتثير مسألة الخلافة السياسية في مصر جدلا مستمرا خاصة وأن مبارك الموجود في الحكم منذ عام 1981 سيدخل عامه الثاني والثمانين في مايو/ أيار المقبل، حيث يعتقد على نطاق واسع باحتمال توريث الحكم لنجله جمال مبارك.
واعتبرت الصحيفة أن الحكومة المصرية "تتستر" على توريث الحكم لجمال، والذي يشغل منصب الأمين العام المساعد في الحزب الحاكم، ويترأس لجنة السياسات المسئولة عن وضع سياسات الدولة،
فى الفترة القادمة على الرغم من وضوح الأمر للجميع، وأضافت "لماذا أنكر جمال مبارك طموحاته السياسية فى البداية ثم صنع لنفسه إطارا دستوريا تشريعياً يمكنه من دخول انتخابات الرئاسة القادمة فى 2011".
ونقلت صحيفة "المصري اليوم" عن تقرير للصحيفة: "إن دول مصر وليبيا والجزائر وتونس، وضعت أسس "مدرسة جديدة" فى منطقة شمال إفريقيا، تهدف إلى تمرير توريث الحكم، معتبرية أن رؤساء الدول الأربع تعمدوا ممارسة لعبة التوريث بالإبقاء على كل الشكوك المحتملة لمنع ظهور معارضة قوية ضد النظام".
وقال التقرير، إن إصرار الحكام على التوريث يرجع إلى رغبتهم فى الحفاظ على مصالح العائلة الحاكمة فضلاً عن مصالح النخبة السياسية والاقتصادية فى البلاد مشيرة إلى فشل الوضع الاقتصادى فى البلاد التى تسير على منهج التوريث.
وذكرت أنه على الرغم من قوة السلطة الاستبدادية فى هذه البلاد فإن عملية التوريث لن تكون سهلة، مضيفةً أن حكومات هذه الدول تعمد إلى "إذلال" الفئة النخبوية فى البلاد من خلال تجريدهم من أملاكهم أو تجريدهم من مناصبهم فضلاً عن "القضاء" على الفئة المعارضة لحركة التوريث أو التى تقوض سلطة وريث الحكم.
ويأتي التقرير الجديد بعد أيام من تقرير آخر نشرته صحيفة "صنداى تايمز" البريطانية، قالت فيه إن جمال مبارك اقترب من الوصول لرئاسة مصر ولكن أمامه "معوقات قليلة" ليكمل مسلسل التوريث ويصل إلى السلطة.
اضافت الصحيفة، ان ما وصفته بـ "الخلافة الأسرية" لتوريث الحكم تسير فى طريقها بكل من مصر وليبيا، مدللة على ذلك بالزيارة الرسمية التى قام بها الرئيس المصري حسني مبارك لواشنطن في شهر اغسطس/اب الماضي ورافقه فيها نجله جمال، إلى جانب الدور الذى لعبه سيف الإسلام، نجل الزعيم الليبى معمر القذافى فى إطلاق سراح مواطنه عبد الباسط المقراحى المتهم بتفجير طائرة "بان أمريكان" فى سماء لوكيربى.
وكان مبارك صرح أثناء زيارته للولايات المتحدة بأنه مازال من المبكر الحديث عن مسألة ترشحه للرئاسة لفترة أخرى، مشيرا إلى أن الحديث عن ترشيح جمال مبارك للرئاسة هو لمجرد البروباجندا لتوجيه النقد للنظام" وأن الموضوع خارج تفكيره تماما".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الخلافة الأسرية" تؤمّن المصالح المباشرة، والممتدة للأسرة الحاكمة إلى جانب مصالح النخبة السياسية ونخبة رجال الأعمال الأوسع نطاقا. واستدركت الصحيفة أن احتمال ظهور "خلافات للحكم فى شمال أفريقيا صار أمرا ملفتا".
وقالت الصحيفة البريطانية، ان التعامل مع مصالح النخبة يستلزم "العبقرية"، مضيفة أنه من الممكن توزيع فرص بيزنس مربحة لتهدئة الخصوم السياسيين لـ"الخليفة"، بينما يمكن استهداف المنشقين لإحباط الآخرين، وذلك من خلال نزع ممتلكاتهم أو طردهم من مراكز النفوذ.
وتابع: فى مصر قام جمال وشخصيات أخرى بارزة بنفى طموحاته الرئاسية بشكل يتصف بالعناد والإصرار، مؤكدة أن المجال تم إفساحه فى الوقت نفسه لجمال كى يبنى لنفسه شخصية جماهيرية عبر دوره البارز فى الحزب الحاكم، وتم وضع إطار دستورى من شأنه أن يسمح بانتخابه فى انتخابات تعددية، ومن ثم يؤسس واجهة لشرعية جمهورية.
كما أشارت الصحيفة إلى أن هناك مشكلة علاقات عامة تتعلق بالمصالح التجارية، موضحة أن جمال سوف يضطر إلى مواجهة مفهوم واسع النطاق بأن مصالحه تتماشى مع حلفائه المقربين من بين نخبة رجال الأعمال، وتحديدا أحمد عز إمبراطور الحديد - كما وصفته الصحيفة - ومن ثم قد يسعى جمال إلى تبديد هذا المفهوم من خلال ضرب أمثلة علنية بشأن أصدقاء النظام الحاكم المتورطين فى الإسراف.
ونبهت إلى أن مبارك والقذافى إلى جانب زين الدين بن على رئيس تونس، وعبد العزيز بوتفليقة فى الجزائر وهم من بين أكبر رؤساء الدول سنا، وتولوا أطول فترات حكم فى العالم"، جعلوا من أنفسهم، بدرجة أو بأخرى، مركزا لهياكل سلطوية "غير شفافة"، قائلة إن كل شىء فى دولهم يعتمد على الشخص والعائلة، وليس المنصب.
لا تأييد شعبي
كانت صحيفة "الفايننشيال تايمز" البريطانية ذكرت في عدد سابق لها ان جمال مبارك لا يحظى بتأييد شعبى ، فضلا عن كونه لا يرتبط بعلاقات قوية مع قادة الجيش المصري الذي جرى العرف على أن يتولى أحد قادته الرئاسة منذ قيام ثورة 23 يوليو/تموز في عام 1952.
وأضافت الصحيفة، أن المشكلة بالنسبة لجمال مبارك هو أنه حتى لو كانت الأرقام تتحدث عن إنجازات جيدة على الصعيد الاقتصادي إلا أنه كشخص مازال غير قادر على إقناع المصريين الذين لا يزال 40% منهم تحت خط الفقر مع استمرار الاقتصاد المصري مكبلا بسبب بيروقراطية ضخمة إلى جانب ارتقاع الأسعار والوقود وتدهور مستويات التعليم والصحة والمرافق.
وتابعت الصحيفة "صحيح أن الحياة تسنت لبعض المصريين كما يتضح من المجمعات السكنية المتكاملة بضواحى القاهرة وانتشار السيارات الجديدة والهواتف المحمولة لكن الإصلاحات لم يتح لها الوقت الكافى لتؤتى ثمارها".
واختتمت قائلة إن عملية انتقال السلطة ستحمل معها مخاطر ، خاصة إذا كان الانتقال لنجل الرئيس المصري الأصغر.
أما صحيفة "الجارديان" البريطانية فذكرت ان جمال مبارك لن يستطيع توفير كل ما تحتاجه مصر حال وصوله للرئاسة، معتبرة أنه يمثل "كل ما هو خطأ فى السياسة والمجتمع المصرى"، وأشارت إلى أنه حصل على أعلى منصب فى الحزب الوطنى لكونه ابن رئيس الجمهورية وليس بفضل مؤهلاته كسياسى.