الزكاة
الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، وعباداته المفروضة، ولقد ذكرها الله
-سبحانه- في كثير من آيات القرآن مقترنة بالصلاة، قال تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} [البقرة:43]، ولقد شرعها الله طهرة للنفس والمال، قال تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} _[التوبة: 103] ولقد شدد الله وعيده لمن يقصرون في إخراج الزكاة، قال تعالى: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم}
[التوبة:34].
وقال (: (من آتاه الله مالا فلم يؤدِّ زكاته، مُثِّل له يوم القيامة شجاعًا أقرعَ له زبيبتان يُطَوِّقُه يوم القيامة، ثم يأخذ بِلهْزِمَتَيْه -يعنى شِدْقَيْهَ- ثم يقول: أنا مالُك أنا كَنْزُك [متفق عليه].
معنى الزكاة:
هي الحق المفروض في أموال الأغنياء لإخوانهم الفقراء وغيرهم ممن يستحقون الزكاة بشروط مخصوصة.
حكم الزكاة:
هي فرض على كل مسلم ومسلمة، لا فرق بين أحد منهم، امتلك مقدارًا معينًا من المال حدده الشرع أو زاد عليه، وهذا المقدار الذي تجب فيه الزكاة يسمى النصاب، قال تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} [المزمل: 20].
وقال (: (أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله [متفق عليه]. وقال تعالى: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فخلوا سبيلهم}
[التوبة: 5].
ولما بعث الرسول ( معاذًا إلى اليمن قال: (إنك تقدم على قومٍ أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله، فإذا عَرَفوا الله فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا الصلاة فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة من أموالهم وتُرَدُّ على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها فخُذْ منهم، وتوقَّ كرائم أموال الناس (أي: لا تأخذ الزكاة من أفضل الأنواع، وإنما من أوسطها) [متفق عليه].
الحكمة في إخراج الزكاة:
- الحفاظ على المال وتحصينه من تطلع الأعين عليه، ووصول الأيدي الآثمة إليه.
- مواساة الفقراء، ففيها مظهر من مظاهر التكافل الاجتماعي بين المسلمين وإرساء قواعد الحب والأخوة بين الناس.
- محاربة الشح والبخل والاكتناز، وتعويد الأغنياء على البذل والعطاء، كما أنها تدفع الإنسان إلى استثمار ماله وزيادته.
- شكر الله -عز وجل- على نعمته.
حكم مانع الزكاة:
الزكاة ركن من أركان الدين، فمن تركها وهو ينكرها؛ فقد كفر بالله ورسوله، وخرج عن ملة الإسلام، ومن تركها بخلاً وشحًّا، فقد استحق غضب الله وعذابه الأليم في الآخرة.
على من تجب الزكاة:
تجب الزكاة على المسلم، البالغ، العاقل، الحر، إذا ملك نصابًا ملكا تامًا من مال تجب فيه الزكاة، وحال عليه الحول فيما يشترط فيه ذلك.
الشروط العامة في المال الذي تجب فيه الزكاة:
يشترط في المال الذي تجب فيه الزكاة ما يلي:
1- الملك التام.
2- أن يكون مالا ناميًا بالفعل، أو قابلا للنماء،لم يستثمره مالكه (أي يمكن أن يدر دخلا لصاحبه).
3- بلوغ النصاب.
4- أن يكون زائدًا عن حوائج صاحبه الأصلية.
5- السلامة من الدَّين.
6- مرور الحول (عام هجري كامل) فيما يشترط فيه الحول مثل النقود وما يماثلها من الذهب المعد للادخار وعروض التجارة، أما زكاة الزروع والركاز فلا يجب فيها مرور الحول، لقوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده}
[الأنعام: 141].
7- الفضل، فيشترط في المال الذي تجب فيه الزكاة أن يكون زائدًا عن الحاجة الأصلية.
الزكاة في مال الصبي:
إذا بلغ مال الصبي (الذي لم يبلغ سن الاحتلام) النصاب، فيجب على وليه (من يكفل الصبي إذا مات أبوه) أن يؤدى زكاة هذا المال، ويعمل على استثمار بقية المال، وقد كانت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- تخرج زكاة أموال الأيتام الذين تكفلهم.
الأموال التي تجب فيها الزكاة:
الذهب والفضة:
وتجب الزكاة فيهما إذا بلغا النصاب، ونصاب الذهب أن يبلغ عشرين دينارًا (أي: ما يعادل 58 جرامًا تقريبًا)، ونصاب الفضة أن تبلغ مائتي درهم (أي: ما يعادل 426 جرامًا)، ويكون مقدار الزكاة فيهما ربع العشر (أي: 5.2% ).
وقد توعد الله من لا يخرج زكاة الذهب والفضة بالعذاب الأليم، فقال: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم
بعذاب أليم. يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون}_[التوبة: 34-35].
زكاة الحلى:
ولا تجب الزكاة في الحلى الذهبية أو الفضية التي تستخدمها المرأة للزينة، أما إذا اتخذت المرأة الحلى للاستثمار، فتجب فيه الزكاة إذا مر عليه الحول، وإذا استخدم الرجال الذهب زينة لهم -رغم حرمة استعمالهم له- فتجب فيه الزكاة عند مرور سنة عليه.
زكاة العملات الورقية:
تخرج الزكاة عن العملات الورقية إذا بلغت قيمتها ثمن نصاب الذهب أو نصاب الفضة، وفي زماننا أصبح التفاوت بين نصاب الذهب ونصاب الفضة كبيرًا لذلك يرى بعض العلماء أن يخرج المزكي زكاة ماله باعتبار نصاب الفضة فهذا أولى لمصلحة الفقراء، فيخرج زكاة ماله (5،2%) إذا بلغ النصاب، وإن كان بعض العلماء يرى أن نصاب الذهب هو الذي يعتد به فقط في تحديد نصاب المال الذي تجب فيه الزكاة، وذلك بعد تدهور قيمة نصاب الفضة، وقد كان النصابان في الماضي متساويين.
زكاة التجارة:
مر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بالسوق مرة، فوجد رجلا يبيع الجلود والأوانى، فقال له: أَدِّ صدقة مالك، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين إنما هو الأدُمُ (الجلود). فقال عمر: قَوِّمْه (قدر ثمنه)، ثم أخرج صدقته.
[أحمد والدارقطني والبيهقي].
فإذا كان الرجل يتاجر في تجارته، فإنه يأتي في نهاية العام الهجري فيضم عروض التجارة بعضها إلى بعض وإن اختلفت أجناسها، ثم يقدر ثمن بضاعته وقت إخراج الزكاة، لا ثمن شرائها، فإن وجد أنها بلغت نصابًا، أخرج زكاتها بمقدار (5،2%) أي: ربع العشر.
شروط زكاة عروض التجارة: ولزكاة عروض التجارة شروط، هي:
1 - بلوغ النصاب؛ أي تبلغ قيمة أموال التجارة نصابًا من الذهب أو الفضة.
2 - أن يمر عليها سنة هجرية كاملة.
3 - أن ينوى المالك بالعروض التجارة حال شرائها، وألا يقصد بالمال إمساكه والانتفاع به وعدم الاتجار به.
4 - امتلاك العروض.