عرفتها جماهير الرياضة المصرية من خلال إحدى اللقطات "الكوميدية" والتي حاولت فيها عمل حوار تليفزيوني قصير مع مدرب الزمالك السابق السويسري ميشال دي كاستال عقب إحدى مباريات الفريق الأبيض لقناة مودرن سبورت الرياضية، وهو اللقاء الذي كان مخططاً له ان يسير بصورة طبيعية لولا إصرار المدرب على أن تتحدث باللغة الفرنسية التي لا تجيدها، فكان الموقف طريفاً للغاية، خاصة مع محاولاتها المستمرة لأن تأتي بكلمة من الشرق وأخرى من الغرب مع إبتسامة مشرقة غير خجلة أو قلقة من الكاميرات أو متابعة الملايين لها، الأمر الذي حول الواقعة من موقف محرج لآخر كوميدي أخرجته الراحلة رشا ياسين كما ينبغي له أن يكون، ودخلت عبره قلوب الجماهير في ثوان معدودة.
رشا ياسين مذيعة إحدى أشهر القنوات المصرية الرياضية رحلت عن عالمنا صباح أول أيام عيد الأضحى المبارك إثر أزمة قلبية، وذلك بعد مشوار قصير مع الإعلام بدأته بمحاولات مستميتة لوضع قدم لها على سلم النجاح وسط عمالقة المهنة، وأنهته بمكافأة الأقدار عندما حصلت على فرصتها أخيراً في تقديم اول برنامج خاص بها في القناة "استاد حواء" وقدمت بالفعل بضع حلقات قليلة منه قبل أن ترحل عن عالمنا صبيحة أول أيام العيد.
لم تكن علاقتي بالراحلة وطيدة، غير إنها ازدات عمقاً في الأسابيع الأخيرة، وذلك من خلال عملنا في القناة نفسها، غير أن اللقاء الأول بيننا كان منذ أسبوعين تقريباً، عندما جمعنا حفل خيري للإحتفال بستين عريس وعروسة، تم دعوتها لتقديمه، .. وفي الحفل جمعنا حديث مشترك روت خلاله رشا قصتها مع العمل الإعلامي، وكيف كانت بعيدة كل البعد عنه عندما تخرجت من كلية الحقوق، ثم منحتها الأقدار فرصة تحقيق حلم حياتها وحلم والدها الذي أصر قبل ولادتها على منحها اسم "رشا" تأثراً بإحدى المذيعات السوريات البارعات في إلقاء الشعر، فوهبه القدر أكثر مما أرد بمنح "رشا" ومنحها هي لقب "مذيعة".
لقد سمعت قصتها بالكامل وعلمت منذ الوهلة الأولى إنني أمام فتاة كافحت وصبرت وصمدت حتى تحقق حلمها دون أن تمل أو تيأس أو تحبط،، لكن أكثر ما لفت نظري إليها هو تفاؤلها غير المحدود وروحها الجميلة المرحة للغاية التي تطغى على أي مكان تدخله، وتحوله من حالة صمت وهدوء إلى بهجة وفرحة وقورتين.
وفي صبيحة اليوم الأول لعيد الأضحى علمت بخبر وفاة زميلتي الشابة وهي تستعد للوضوء من أجل أداء صلاة العيد، بعدما كنت قد أرسلت لها رسالة معايدة أعتقد إنها لم تتمكن من قراءتها .. وتذكرت على الفور مقابلتي السابقة معها وقفشاتها المستمرة خلال حوارنا، وقفزت في رأسي همساتها عندما منحتني سرها "البسيط" برغبتها في قراءة مقالة يكتبها الناقد الرياضي الكبير محمود معروف عنها.. لم تكن كلمات العزاء كافية لتخفف عني أحزاني، ولم يكن لي سوى أن أذكر نفسي وكل من يحبها بما تعلمته منها في حوارنا القصير، فالأمل والإرادة والحب كانوا طريقها لمواجهة الصعاب، ووحها المرحة ستكون دليلنا للتغلب على آلام فراقها.
بـكاؤكما يـشفي وأن كان لا يجدي فـجودا فـقد أودى نظير كما عندي