إننا نملك أجهزة ترصد " دبيب النملة" في دول العالم التي تدخل في نطاق اهتمامات مصر.. كما لدينا سفارات ضخمة في هذه البلدان يعمل فيها جيوش من القناصل والملحقين والموظفين والعاملين تحت مسميات مختلفة!.
وهذا معناه.. ان سفاراتنا في العاصمة السودانية »الخرطوم« رصدت التواجد الجزائري المكثف والمشبوه في الشوارع والميادين المحيطة بها قبل ثلاثة أيام من مباراتنا مع الجزائر التي أقيمت يوم " الاربعاء" الماضي!.
وخاصة ان هذا التواجد الجزائري.. لم يلجأ إلي الاختفاء تحت الأرض أو داخل الكهوف والجبال، بل.. نصبوا الخيام في شوارع الخرطوم واشتروا الأسلحة البيضاء من الأسواق، وتعاقدوا مع بعض وسائل النقل للعمل معهم.. مثل سيارات النصف نقل والتوك توك والميكروباصات وغيرها. كما لم تختف قوات الكوكسول الجزائرية في الجبال، وظهرت في تجمعات عسكرية فور وصولها مطار الخرطوم في طائرات عسكرية!!.
لاشك ان السفارة رصدت هذه المظاهر في شوارع الخرطوم، والتي بدأت منذ يوم »الاثنين«!!. ولاشك ان سفاراتنا وأجهزتنا المسئولة عن أمن مصر في الداخل والخارج رصدت ايضا هذه المظاهر.. ولاشك أيضا ان الجهات المسئولة في القاهرة، ومنها وزارة الخارجية تلقت تقارير مصرية من الخرطوم.. تكشف فيها عن وجود مؤامرة جزائرية ضد البعثة المصرية سواء لاعبون أو جمهور!. وطبعا.. توقعت هذه التقارير حدوث ما لا يحمد عقباه!!
أين هذه التقارير.. ولحساب من تغطية المعلومات التي وصلتنا من الخرطوم.. وما هو رد فعل الجهات المسئولة في مصر.. و هل هناك من طلب إخفاءها حتي لا نثير الرعب بين المصريين الذين ينوون السفر لتشجيع المنتخب المصري.. ولماذا لم نتخذ الإجراءات الكفيلة بحماية المشجعين المصريين؟!..
وأسئلة أخري عديدة تطرح نفسها حول هذا الغموض الذي يحاولون التستر عليه!. وتعمدوا توجيه اهتماماتنا إلي أمور أخري مجالها المحافل الدولية القانونية!. كما وجهوا اهتماماتنا إلي أمور فرعية مثل حرق علم مصر، ونري يوميا علي شاشات الفضائيات شعوب العالم تحرق العلم الأمريكي، وتحرق دمية للرئيس الأمريكي.. ولم يتحرك الشعب الأمريكي للرد علي مثل هذه الصغائر.. ولو تحرك سوف يحرق اعلام دول العالم ورؤساءها!!.
اننا نريد ان ننتقل بهذه القضية إلي المستوي الدولي والإعلام الغربي الذي يعاني الآن من حالة تشويه للحقائق، وراح يتحدث عن مصر بـأسلوب مغاير للحقيقة!. ان هناك إخلالا بالالتزامات الدولية علي الحكومة الجزائرية التي »قصرت« واهملت حماية أرواح وممتلكات المصريين فوق أراضيها!!.. ماذا فعلنا؟!.
لماذا لم نسرع بتحريك الدعوي الجنائية ضد الجزائر الملزمة طبقا للقانون الدولي بمعاقبة المتسبب لعمليات التخريب التي جرت لممتلكات المصريين فوق أراضيها، وملزمة أيضا بتعويض رجال الإعمال والشركات المصرية التي تعرضت للتخريب والنهب والسرقة تحت سمع وبصر الشرطة الجزائرية؟!.
هذه ياحضرات الف. باء. حقوق المصريين التي تتحمل مسئوليتها الحكومة بدلا من محاولة إقحامنا في معركة إعلامية لا طائل من ورائها!!. أين حقوق المصريين في الجزائر وهناك الإجراءات القانونية والدبلوماسية والسياسية الكفيلة والمناسبة وفقا للأعراف الدولية؟!.
وفي نفس الوقت.. نريد ان تتحلي الحكومة بالشجاعة، وتعلن للرأي العام.. هل سفاراتنا وأجهزتنا المسئولة في الخرطوم » نايمة علي ودانها« أم أرسلت تقارير عن التواجد العسكري والبلطجي الجزائري في الخرطوم، وخاصة ان الطائرات العسكرية الجزائرية توجهت إلي الخرطوم من خلال مطار القاهرة، وحصلت علي إذن هبوط، وسمحنا لها وأقلعت من أراضينا إلي مطار الخرطوم مباشرة؟!!.
واذا وصلتنا فعلا هذه التقارير.. أين ذهبت، ولماذا لم نعلن حالة الطوارئ لحماية المصريين في الخرطوم؟!. ولماذا تجاهلنا إرسال المشجعين الحقيقيين من " الالتراس" وغيرهم بدلا من إرسال مشجعين " فافي" وأصحاب الياقات المنشاة والفنانين والفنانات، كما أرسلنا مصريين لا يملكون التفريق بين كرة القدم، وكرة الماء!!.
ولماذا لم نرسل قوات مرتدية ملابس مدنية وسط المشجعين المصريين لحمايتهم؟. ان الجزائر تكرهنا.. ولا مانع لأسباب عديدة ليس مجالها هنا!.. هل لا تعلم الأجهزة المصرية بهذه الكراهية التي تظهر في جميع اللقاءات الرياضية بين البلدين منذ السبعينيات؟!. لماذا لم نضع هذه الكراهية في حساباتنا قبل سفر المصريين إلي الخرطوم »عزل« من الحماية؟!.
لا تشغلونا بتوافه الأمور في هذه القضية.. لماذا قررنا اختيار الخرطوم. ونعلم في نفس الوقت انها تعاني من حرب أهلية؟!.
ولماذا لم نضع في اعتبارنا ان إعلام التعبئة وحشد خمسة عشر ألف جندي لحماية المباراة سوف يكلف الخزينة السودانية مبالغ باهظة، ولذلك رأينا الميليشيات الجزائرية المسماة " الكوكسول" تفرض سيطرتها علي شوارع الخرطوم. إننا نريد تحقيقا يبدأ بالكشف عن أسباب اختيار الخرطوم، وعدم اختيار عاصمة أوروبية، وينتهي بالإعلان عن مصير تقارير سفاراتنا وأجهزتنا في السودان عن الأوضاع هناك قبل ثلاثة أيام من المباراة!!.
*رئيس تحرير جريدة الوفد
جريدة الوفد
23/11/2009