هذه القصة تجسّد أروع معاني الحب ..
وأسمى كلمات التضحية ..
تروي لنا إحدى ممرضات قسم الطوارئ بأحد المستشفيات ..
عن واقعة حقيقية حصلت لها خلال ساعات الصباح الأولى في مقر عملها ,,
تقول الممرضة: بأن ذلك الصباح كان من أحد أكثر الصباحات نشاطاً ..
فلقد كان قسم الطوارئ يعج بالمرضى والمراجعين ..
عند الساعة الثامنة والنصف دخل رجل طاعن في السن ..
يبلغ من العمر حوالي الثمانين ..
يحتاج لفك غرز عملية سابقة كانت قد أجريت لإبهامه !
حال وصوله أبلغنا بأنه في عجلة من أمره ..
لأنه ملتزم بموعد هام عند الساعة التاسعة تماماً..
توجهت للرجل وطلبت منه أن يجلس على أقرب كرسي وينتظر ..
لأن فترة انتظاره ربما ستستغرق حوالي الساعة ..
حتى يستطيع أحدنا القيام بالمهمة التي جاء الرجل من أجلها..
انتهيت لتوي من معالجة مريض آخر ..
ثم التفتُّ نحو الرجل الطاعن في السن فوجدته يكرر النظر في ساعته..
قررت لحظتها أن أتوجه فوراً للكشف على جرحه ..
وبينما كنت أقوم بالكشف على إبهامه ..
وإجراء ما يلزم من فك للغرز وتغيير الضمادات ..
دار بيني وبينه الحديث التالي ..
قلت له : يبدو عليك أنك في عجلة من أمرك !!
هل لديك موعد مع طبيب آخر ؟
قال الرجل : لا ..
ولكن علي اللحاق بموعد الإفطار مع زوجتي !!
التي تعيش في إحدى دور الرعاية..
قلت :آآهـ..
وهل زوجتك بصحة جيدة ؟
قال : في الواقع زوجتي تعيش هناك منذ زمن ..
وهي تعاني من مرض «الزهايمر» .
قاربت على الانتهاء من وضع الضمادات الجديدة ..
وأكملت حديثي معه متسائلة :
هل تظن بأنها ستقلق عليك بعض الشيء ..
لو تأخرت عن موعدك قليلاً ؟؟
رد الرجل : لم تعد تعرف من أنا منذ فترة !
فهي لا تستطيع التعرف علي منذ حوالي الخمس سنوات ..
أذهلني رده فبادرته بقولي..
ومازلت تواظب على الذهاب إليها كل صباح ..
بالرغم من عدم قدرتها على التعرف عليك !!
ابتسم ثم ربت على يدي وقال :
«هي لا تعرفني..»
«ولكني مازلت أعرف من هي !!»
خنقتني العبرة وحاولت جاهدة ألا أدعها تفر من مقلتي ..
وشعرت بقشعريرة تخترق عظم ذراعي كالسهام !
سبحت في فضاءات فكري وقلت لنفسي..
هذا هو الحب الذي أبحث عنه طوال حياتي ..
هذا هو كل ما تحمله كلمة «حب» من معنى !
«انتهت رواية الممرضة»