أسست ثورة 25 يناير مبادئ المجتمع المصري الجديد على قاعدة مبادئ ستة هي:
أولا: لاتفاوض إلا بعد رحيل مبارك وزمرته وتشكيل حكومة ائتلافية تدير البلاد إلى حين إجراء انتخابات ديمقراطية حرة.
ثانيا : حل مجلسي الشعب والشورى والمجالس المحلية وإعادة الانتخاب بعد توفير كل الشروط الموضوعية لنزاهتها.
ثالثا: إسقاط الدستور المشوه الحالي كليا واختيار لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد يضمن الحريات العامة ويصون كرامة المواطنين.
رابعا: إلغاء حالة الطوارئ وكل القوانين سيئة السمعة بما في ذلك قانون الأحزاب.
خامسا: محاكمة جميع رموز الفساد في البلاد وأولهم مبارك وأسرته محاكمة عادلة أمام القاضي الطبيعي
سادسا: رد الأموال المهربة والأراضي التي نهبها كبار حاشية الريس وابنه خلال الثلاثين عاما الماضية
هذه المبادئ الستة تشكل منهجا للثورة ومحددات وخطوط عريضة لايجوز التخلي
عنها ومن هنا نؤكد -وبوضوح- انه لاتراجع عن الاعتصام المفتوح في ميدان
التحرير ومسجد القائد إبراهيم وكل منطقة حررها الثوريون على ارض مصر إلا
وفق المبادئ الستة وأهمها رحيل مبارك عن السلطة ونقل السلطة إلى حكومة وحدة
وطنية ائتلافية، وأي التفاف على هذه المبادئ الثورية و الشرعية يمثل
محاولة لخنق الثورة ومنع الشعب من تنفيذ إرادته الحرة.
إن حوار الأحزاب أو لجان الحكماء مع عمر سليمان أو غيره لايعني أن هذه
الأحزاب واللجان مفوضة من الشعب للحديث باسمها بل هي تتطوع للتعبير عن
إرادة الشباب الثوري، وبما لايتعارض مع مبادئ الثورة وأولها تنحي حسني
مبارك عن الحكم ونقل السلطة إلى شرعية جديدة هي الشرعية الثورية التي
لاتعترف بدستور مشوه ولا برلمان فاسد ولا مجلس أعلى مدجن، فكل هذه المؤسسات
سقطت يوم 25يناير وفق قواعد الثورة ومنطقها وشعاراتها، ومن ثم ينبغي
التمسك بالمطالب الجوهرية وعدم إعطاء أي مبرر لمبارك وعصابته في إدارة
البلاد بعد يوم 25يناير، وكل ماصدر بعد ذلك اليوم العظيم هو باطل فتعيين
عمر سليمان باطل وتعيين احمد شفيق باطل وكل القرارات التي اتخذها رجال
مبارك هي ساقطة في نظر الثورة، وليس لها محل من الإعراب.
في ميدان التحرير، وكل ميدان تم تعميده بدم الشهداء والجرحى ثمة شرعية
جديدة تتجاوز مايسمى بالشرعية الدستورية ففي ظل الشرعية الدستورية وقعت كل
الجرائم بدءا من نهب المال العام وصولا إلى تزوير الانتخابات وهيمنة رجل
واحد على 14منصب دستوري وهو مالم يحصل حتى في عهد الملك فاروق، وفي ظل
الشرعية الدستورية تم بيع الغاز المصري للعدو الصهيوني وتم التحالف مع
أعداء مصر على ضرب العراق ولبنان وفلسطين والتآمر لإجهاض حركات المقاومة في
الدول الثلاث عن طريق التحالف الأمريكي الصهيوني مع دول عربية أخرى معروفة
ومشبوهة في المنطقة.
إن بقاء مبارك في السلطة يعنى عمليا إجهاض الثورة والتحايل على دم الشهداء،
وإتاحة الفرصة لرجاله للإفلات من العدالة وإلا لماذا لم يتم الإعلان عن
بدء التحقيق مع من أوقفوا وهم احمد عز حبيب العادلي وزهير جرانه والمغربي؟
إن مبارك يريد فرصة لكي يوفر الغطاء الشرعي وباسم الشرعية الدستورية لتهريب
الأموال والأشخاص إلى الخارج ولايمكن لشباب الثورة أن يقبلوا إلا بتنحي
هذا الرئيس الذي فقد شرعيته تماما ويحاول أن يستعيدها عبر إطالة الوقت
واستنزاف طاقة الثززوريين ومحاولة استنفار الشعب ضد شباب الثورة.
إن مسؤولية المثقف الثوري اليوم هي حماية الثورة ورعايتها بعيدا عن مؤامرات
الالتفاف عليها بادعاء الحكمة أو الحوار فالحوار الحقيقي لايكون مع أعداء
الشعب وإنما مع الشعب نفسه ومع رموزه.