دد المشاركون في ندوة "أخلاقيات الإعلام العربي" بالأداء الإعلامي بالغ السوء لبعض الصحف والقنوات الفضائيةالخاصة خلال أزمة مباراة الجزائر ومصر والتي لعبت فيها دورا غير مسئول في كل من مصر والجزائر ومارست قدرا غير مسبوق من التأجيج والشحن أدي لإثارة الفتنة بين شعبي البلدين الشقيقين اللذين يربطهما وحدة اللغة العربية والدين الاسلامي والتاريخ المشترك .
وطالبوا في الملتقي الأول الذي عقدته جمعية خريجي الإعلام بضرورة وضع جامعة الدول العربية ميثاق شرف إعلامي عربي يشرف علي تفعيله وزراء الإعلام العرب .
وأن يكون هناك ميثاق آخر تلتزم به القنوات الفضائية والصحف الخاصة داخل مصر وتكوين نقابة مهنية للإعلاميين المصريين لضمان تأهيل العاملين تأهيلا أخلاقيا ومهنيا لضمان عدم تكرار مأساة مباراة الجزائر ومصر وتداعياتها السيئة .
في البداية قالت الدكتورة ماجي الحلواني العميد السابق لكلية الإعلام جامعة القاهرة إن التغطية الإعلامية لمباراة مصر والجزائر والشحن الذي قامت به وسائل إعلام خاصة يضرب أخلاقيات المهنة في مقتل وهذا يؤكد علي ضرورة ألا يظهر مذيع علي أي قناة فضائية او تليفزيونية إلا بعد تأهيله مهنيا وأخلاقيا وألا تترك الأمور كما هي الآن سداح مداح لكل من هب ودب ليظهر علي الفضائيات ويؤدي دور المذيع أو مقدم البرامج ويشعل بعدم مهنيته أتون الفتنة فيما بين الأشقاء.
أما الدكتورة نجوى كامل وكيل كلية الإعلام لشئون البيئة بجامعة القاهرة فقد أشارت إلي أن الالتزام بالمعايير الأخلاقية من جانب الإعلاميين يعد جزءا أساسيا من المسئولية الاجتماعية التي تنهض بها وسائل الإعلام وذلك في إطار المنافسة الكبيرة بين الصحف الحكومية والخاصة .
وكذلك بين الصحف بنوعيها والتليفزيون الأرضي والفضائي حيث أدت هذه المنافسة الشرسة أثناء طرح ومعالجة بعض القضايا إلى إحداث تأثير سلبي على الأمن القومي وقلاقل ضد مصلحة البلاد.
وشددت علي أن هناك ضرورة للضوابط الاخلاقية في معالجة قضايا الجريمة في الصحافة المصرية بما لا يؤذى سير العدالة القضائية عبر تدخل الرأي العام في توجيه اتهامات وإصدار أحكام جماهيرية على المتهمين قبل إثبات إدانتهم قضائيا لان مثل هذا التعدي يعد خروجا عن ميثاق الشرف الإعلامي بالإضافة إلى انه يؤدى إلى التشكيك في النظام القضائي الموجود في الدولة.
هيمنة رجال الاعمال
ومن جانبه أكد الدكتور صفوت العالم الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة أنه رغم تعدد وتنوع الدراسات التي تناولت قضية أخلاقيات العمل والممارسة الصحفية فإنه لا يزال هناك مجموعة من الإشكاليات المتمثلة في الخلط بين الإعلان والإعلام وبالتالي وقوع الإعلام المقروء تحت وطأة سلطة رأس المال وتدخل المصالح السياسية والاقتصادية لرجال الأعمال مما جعل هذه الصحف والقنوات الأكثر تحيزا لرجال الإعلام وتعظيما لأدوارهم وإعطاء صورة زائفة عن مستوى أدوارهم الفعلية داخل المجتمع.
وانتقد الانتقائية في اختيار المصادر واستخدام العناوين الصحفية التي لا تدل على المضامين والطرح الغير متوازن في عرض القضايا لافتا إلي أن انخفاض الأجور والرواتب التي يحصل عليها الصحفيون وبعض الإعلاميين ليس مبررا لعدم الموضوعية والتحيز في الطرح الإعلامي .
وفي تعقيبه قال محمد بسيونى الصحفي والناشط الحقوقي أن أخلاقيات العمل الصحفي غير موجودة لغياب المرجعية التي ينبغي أن تستند إليها مواثيق الشرف الصحفية والإعلامية .
وفي ظل غياب هذا الميثاق المنضبط بمرجعية محددة فإن نقابة الصحفيين تقوم بإجراء ضوابط على مستوى أداء الممارسة الصحفية من خلال استخدام أسلوب الجزاء والعقاب المتمثل في التهديد المعنوي أو وقف الخدمات وإلغاء العضوية إذا اقتضت الضرورة ذلك .
كما طالب بان يتخلص الاعلام من السيطرة الاقتصادية وأن يعطي الجمهور الحق في الشكوى وتوفير الوسائل الإعلامية التي تحقق في تلك الشكاوى وتسمح لهذا الجمهور بالتعبير عن نفسه وقضاياه ومصالحه و تفعيل مؤسسات الضبط الاجتماعي ومؤسسات المجتمع المدني والجهات التشريعية لترسيخ الأخلاقيات في الإعلام المقروء والمسموع والمرئي .
الشرطة السودانية لتامين مباراة الجزائر ومصر
وأشار الدكتور حسن عماد مكاوي وكيل كلية الإعلام لشئون الطلاب إلي عدم التزام القنوات الفضائية بالموضوعية والحيادية في نقدها وبالتالي فهي تنال من الدول والحكومات والشعوب بما يؤدى إلى وقوع التضليل والتزييف الإعلامي الذي لايستهدف سوي الإثارة تحت ستار الحرية الإعلامية مما يؤدى إلى الإضرار بمصالح الدول العربية والتأثير سلبا على علاقاتها ومصالحها فيما بينها وإثارة القلاقل والفتن التي تتسبب فيها الحروب الإعلامية .
التحرر من السيطرة الحكومية
ودعا مكاوي إلي تخليص الإعلام من السيطرة الحكومية لان الحرية مطلب أساسي في الممارسة الإعلامية وانه لابد من إتاحة المعلومات داخل وخارج المجتمع في المنطقة العربية محذرا من مخاطر العولمة التي أدت إلى إحداث تشابكات تمخضت عن كسر الإعلام الفضائي الخاص للمحرمات المتعارف عليها المتمثلة في الدين والسياسة والجنس.
وطالب بوقفة جادة تتعهد فيها تلك القنوات بالالتزام الأخلاقي في أداءها المهني بما يخدم عادات وتقاليد المجتمع من خلال رفع كفاءة الرقابة الذاتية بعيدا عن رقابة الدولة وضرورة تبنى دعوة أصحاب القنوات الفضائية إلى وضع مقاييس شرف مهني قابل للتنفيذ والتطبيق بواسطة لجنة من الخبراء لوضع آليات حقيقية أكثر تفعيلا علي ارض الواقع .
وطالب الدكتور سامي الشريف الأستاذ بكلية الإعلام بضرورة وجود نقابة للإعلاميين لتحاسب من يخالف الضوابط الأخلاقية للعمل الإعلامي لافتا إلي ان بعض القنوات المصرية تبارت في الهجوم علي الجزائريين ظنا منها ان القيادة السياسية في مصر تريد ذلك ولكن حين تبين أن تلك القيادة تريد التهدئة وليس التسخين وقعوا في ورطة وبدا شكلهم "عرة " حسب قوله.
وقال الدكتور علي مبارك المذيع بقناة النيل الإخبارية أن النقد الهدام والمعارضة الفجة هما سبب فوضى القنوات الخاصة وأنه لابد من الإصلاح المؤسسي للإعلام الخاص وأن أهم مقومات هذا الإصلاح سن التشريعات والقوانين المنظمة بشكل يتواكب مع المتغيرات .
ودعا إلي تشكيل هياكل تنظيمية فى المؤسسات الإعلامية والاهتمام باختيار العناصر التي تعمل في الإعلام ممن تم تأهيلهم مهنيا وأخلاقيا حيث يوجد الآن أفراد لاعلاقة بهم بالإعلام ويعملون في الإعلام.
و قال عبد العظيم صدقي نائب رئيس جمعية خريجي الإعلام أن حالة الانفلات الإعلامي الحادثة الآن تحتاج إلى درجة كبيرة من الانضباط الذاتي والالتزام الأدبي من قبل الممارسين والأكاديميين على حد سواء مؤكدا علي ضرورة وجود حل تكاملي يضم أطراف المجتمع بفئاته ومؤسساته المختلفة .
استراتيجية للاعلام العربي المشترك
الكرة تحولت إلي سبب للفتنة بين الاشقاء
واشار معتز صلاح الدين المستشار الإعلامي بجامعة الدول العربية إلي أن عدد القنوات الفضائية العربية ارتفع ليصل الى620 قناة فضائية 80%منها قنوات خاصة،كما أن 70%من المواطنين العرب يملكون أجهزة استقبال منزلية للبث الفضائي ، وان إجمالي الإنفاق السنوي للفضائيات العربية 7 مليار دولار سنويا وأن عدد المشاهدين العرب يقدر ب 200 مليون مشاهد من إجمالي 320 مليون مواطن عربي .
وبلغ عدد الصحف العربية 5016 صحفية منها 267صحيفة تصدر يوميا، وعدد مواقع الانترنت الإعلامية العربية 2100 موقع منها 1560 موقعا باللغة العربية و438 موقعا بالانجليزية و102 موقعا بلغات أخرى.
واضاف بأن هناك مشروع لانشاء مفوضية للإعلام العربي أعده عمرو موسى الأمين العام للجامعة وردت عليها ملاحظات من عدة دول وستدرس هذه الملاحظات في يونيو القادم أثناء اجتماع وزراء الإعلام العرب ومن المنتظر أن يوافق وزراء الإعلام بصفة نهائية على مشروع المفوضية في أكتوبر القادم لكن دخولها حيز النفاذ يتطلب موافقة مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية ثم توقيع ومصادقة سبع دول عربية على الأقل.
وكشف النقاب عن أن الإشكالية الحقيقية أن الصوت العربي لا يصل إلى الخارج مما يدل على فشل القنوات العربية في معالجة أهم القضايا المحورية التي يعانى منها العالم العربي وترتبط بواقعه السياسي والاجتماعي وإخفاقنا في تقديم صورتنا ووجهة نظرنا في أحداث غزة وقصورنا الشديد في الإقناع الدولي بقضيتنا وعجزنا عن كسب التعاطف الدولي.
لذا فمن ضمن الإستراتيجية الإعلامية الجديدة التي تنفذها الجامعة النجاح في عرض 6 برامج مدتها نصف ساعة أذيعت على قناة Public T. V وهى اكبر قناة ثقافية في أمريكا وقد تناولت البرامج الست عدة قضايا ومضامين لتصحيح الصورة العربية منها برنامج لتقديم الثقافة والفنون في العالم العربي.
وتتضمن هذه البرامج قضايا أخري منها قضية الهوية والمرأة والجغرافيا والتاريخ العربي وقضايا الإصلاح في المجتمعات العربية وموضوعات وقضايا أخرى و قد عرضت هذه البرامج في أوقات الذروة في الفترة من مايو حتى ديسمبر الماضي ويعاد بثها طول العام ، كما أن هناك موقع الكتروني عالمي سيتم إصداره تحت اسم "الصوت العربي" لطرح القضايا العربية بعدد من اللغات الأجنبية .
الإثنين أغسطس 20, 2018 4:53 am من طرف 
