الحضارة تعني التعليم وبكل صراحة كل شخص يظهر في أي برنامج ينوه عن ضرورة التعليم حتى لو هذا الشخص غير متعلم ولكن بالطبع دون جدوى ، والأدهى من ذلك عندما يظهر دكتور في جامعة من الجامعات المصرية ويتحدث بحرارة شديدة ويركز على أن التعليم هو المخرج الوحيد من كل المشاكل المصرية ، لماذا قلت الأدهى ؟ ولماذا اخترت دكتور الجامعة على التحديد؟ هذا هو محور مقالي .
قلت الأدهى لأن دكتور الجامعة له بصمة في خلل التعليم وكان من المفروض أن يكون بعيداً كل البعد عن هذا الخلل، واختياري لدكتور الجامعة على التحديد لأن مقالي يدور حول الجامعة المصرية التي يعمل فيها الدكتور كأي موظف أخر سواء كان اداري أو موظف أمن أو موظف نظافة بل هو في هذا العصر أقل من كل هؤلاء حفاظاً على مواعيده واهتماماً بالطلاب والمحاضرات .
في كل الجامعات على الإطلاق على مستوى العالم وليس مصر على الحصر أخطاء ، ولكن الجامعات المصرية على وجه التحديد الأخطاء فيها زادت عن الحد وأصبحت غير مؤهلة للتعليم النموذجي ، أخطاء ادارية في المقام الأول وهذه هي الكارثة لأن الإدارة أهم عضو في هذه المنظومة ، لأنها هي من تضع الضوابط والأسس والنهج السليم وهي من تخطط وتراقب وتضع القوانين وتحاسب كما هو متبع في العالم بأكمله وليس مصر وحدها .
الجامعات المصرية أصبحت مكان للتنزه كجنينه خضراء أو مطعم أو كوفي شوب أصبحت مكان للتعارف كما شهدنا في فيلم مرجان أحمد مرجان وهذا له أسباب أدارية أيضاً من أهمها عدم اهتمام الإدارة بتنسيق جداول المحاضرات التي وضعت بشكل عشوائي حسب رغبات دكاترة الجامعة والتي أدت إلى زيادة وقت الفراغ بين المحاضرة والأخرى
وهذا هو موضوعي الرئيسي على سبيل المثال طلاب جامعة المنصورة يأتون للجامعة من أنحاء الدقهلية يستيقظون من نومهم السادسة صباحاً لكي يحضرو محاضرة الثامنة صباحاً لأنهم ليسوا من أبناء المنصورة نفسها وهذا أمر طبيعي ولكن الغير طبيعي هو أن موعد المحاضرة الثانية لنفس اليوم في كثيراً من الأحوال تكون الرابعة عصراً.
أين يقضي الطلاب وقت الفراغ بين المحاضرتين؟ وكيف يستوعب الطالب الشرح بعد الإرهاق من السادسة صباحاً حتى موعد المحاضرة الثانية والثالثة والرابعة أحياناً ؟ بالأخص إذا كان الطالب يأتي من مركز أو قرية تبعد عن الجامعة بما يقرب من خمسة وثلاثون كيلو متر والأغرب من هذا وذاك هو أن الطالب ينتظر كل هذا الوقت وفي موعد المحاضرة الثانية يعتذر الدكتور عن الحضور دون أي مراعاة لوقت الطالب أو تقديرً لساعات الانتظار .
هل هذا الوضع الذي يتكرر كثيراً يؤهل الطلاب لتعليم سليم ؟ هل كل هذا الإرهاق اليومي يؤهل لتعليم نموذجي ؟ هل في هذا العصر الغريب أصبح العقل السليم في الجسم المرهق ؟ هل ولي الزمن على المقولة الشهيرة " العقل السليم في الجسم السليم " هذا الخلل المدمر تشترك فيه إدارة الجامعة ودكاترة الجامعة الذين يرفعون شعار " التعليم حل لكل المشاكل " .
هذه مشكلة واحدة ولكنها ليست الوحيدة فهناك الكثير من المشاكل التي لابد من وضع حلول لها على الفور إذا كان هناك نية لتحسين وضع التعليم في مصر ، لأنه ليس من المنطق أن حال الجامعات المصرية بهذا الوضع الراهن يؤهل لتعليم سليم ، الجامعات التي لا تشاهد نظافة إلا في حضور سيادة الوزير أو أحد المسئولين ، الجامعات التي تغلق وقت النظافة لحضور المسئول ولا تفتح إلا بعد أن تجف من المياه أو قبل وصوله بلحظات دون أهمية لوقوف الطلاب على الأرصفة ودون الاهتمام بالمحاضرات .
هل هذا المسئول أهم من الطلاب ؟ هل هذا الوضع يرضي سيادة الوزير ؟
لابد أن رئيس الجامعة يراعي أن هناك بين الطلاب بنات لا يتحملون الوقوف على الأرصفة بين الشباب ولا يتحملون التعرض للمعاكسات والمضايقات ومن بينهم من هن متزوجات وحوامل ولا يستطيعون انتظار المحاضرة الثانية التي تتأخر لساعات طويلة ولا يجوز عودتهم لديارهم في منتصف الليل ، لابد من تنسيق موعد المحاضرات على أن لا تزيد المدة بين المحاضرة والأخرى عن نصف ساعة حافظاً على أبنائنا وبناتنا وزوجاتنا الذين يرغبون في تحصيل العلم بكرامة .