الحمد لله الذي جعلنا مسلمين
وحفظ لنا هذا الدين من التبديل والتحريف
وعلا شأن القرآن الكريم
وأصلى وأسلم على الهادي البشير
محمد بن عبد الله وآل بيته الطاهرين وأصحابه الميامين .
أما بعـــــــد
ساعات وتعيش الكرة الأرضية احتفالات ميلاد السيد ( المسيح )عليه السلام
ودخول سنة ميلادية جديده ومن العجب العجاب أن يجتمع الناس جميعا إلا من رحم
ربك على إقرار باطل وتزوير مبين في ميلاد ( عيسى ) عليه السلام.
مع العلم بأن القرآن الكريم قد لمح بوقت الميلاد الصحيح لسيدنا ( عيسى )عليه السلام وردا على المحرفين المبدلين
لشريعة رب العالمين في بني اسرائيل .
دليل القرآن الكريم
قال تعالى: ((وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا )) مريم 25
وهذه الآية العظيمة في حالة مخاض السيدة ( مريم ) عليها السلام فور ولادة (
المسيح ) عليه السلام وفيها تلميح ومفهوم بأن الولادة تمت في وقت وجود (
الرطب الجني ) أي غير اليابس الذي كمل نضجه على النخل.
والسؤال الآن
إلى كل العقلاء الذين يقرون بوقت هذا الميلاد المزعوم في أي وقت من السنة ينضج الرطب ؟ هل ينضح في أول يناير كما يزعمون ؟
والمعروف منذ أن خلق الله الخلق والحياة بأن الرطب لا ينضج إلا بين شهر ((
يونيو ويوليو )) من السنة الميلادية فأنى تدعون ميلاده في الشتاء من شهر
يناير .
والذي خلق الحب والنوى إنكم لتقولون على الله ما لا تعلمون وتشرعون ما لم يشرعه الله بسبب الضلال المبين والإفك العظيم .
ونعوذ بالله من الخذلان والحمد لله على نعمة الإسلام .
والحمد لله رب العالمين.
لطيفة من التفسير:
وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا
فيه أربع مسائل :
الأولى :
قوله تعالى : " وهزي " أمرها بهز الجذع اليابس لترى آية أخرى في إحياء موات
الجذع . والباء في قوله : " بجذع " زائدة مؤكدة كما يقال : خذ بالزمام ,
وأعط بيدك قال الله تعالى : " فليمدد بسبب إلى السماء " الحج : 15 أي
فليمدد سببا
وقيل : المعنى وهزي إليك رطبا على جذع النخلة . " وتساقط " أي تتساقط فأدغم
التاء في السين . وقرأ حمزة " تساقط " مخففا فحذف التي أدغمها غيره . وقرأ
عاصم في رواية حفص " تساقط " بضم التاء مخففا وكسر القاف . وقرئ " تتساقط "
بإظهار التاءين و " يساقط " بالياء وإدغام التاء " وتسقط " و " يسقط " و "
تسقط " و " يسقط " بالتاء للنخلة وبالياء للجذع ; فهذه تسع قراءات ذكرها
الزمخشري رحمة الله تعالى عليه . " رطبا " نصب بالهز ; أي إذا هززت الجذع
هززت بهزه " رطبا جنيا " وعلى الجملة ف " رطبا " يختلف نصبه بحسب معاني
القراءات ; فمرة يستند الفعل إلى الجذع , ومرة إلى الهز , ومرة إلى النخلة .
" وجنيا " معناه قد طابت وصلحت للاجتناء , وهي من جنيت الثمرة . ويروى عن
ابن مسعود - ولا يصح - أنه قرأ " تساقط عليك رطبا جنيا برنيا " . وقال
مجاهد : " رطبا جنيا " قال : كانت عجوة . وقال عباس بن الفضل : سألت أبا
عمرو بن العلاء عن قوله : " رطبا جنيا " فقال : لم يذو . قال وتفسيره : لم
يجف ولم ييبس ولم يبعد عن يدي مجتنيه ; وهذا هو الصحيح . قال الفراء :
الجني والمجني واحد يذهب إلى أنهما بمنزلة القتيل والمقتول والجريح
والمجروح . وقال غير الفراء : الجني المقطوع من نخلة واحدة , والمأخوذ من
مكان نشأته ; وأنشدوا : وطيب ثمار في رياض أريضة وأغصان أشجار جناها على
قرب يريد بالجنى ما يجنى منها أي يقطع ويؤخذ . قال ابن عباس : كان جذعا
نخرا فلما هزت نظرت إلى أعلى الجذع فإذا السعف قد طلع , ثم نظرت إلى الطلع
قد خرج من بين السعف , ثم اخضر فصار بلحا ثم احمر فصار زهوا , ثم رطبا ; كل
ذلك في طرفة عين , فجعل الرطب يقع بين يديها لا ينشدخ منه شيء .
الثانية :
استدل بعض الناس من هذه الآية على أن الرزق وإن كان محتوما ; فإن الله
تعالى قد وكل ابن آدم إلى سعي ما فيه ; لأنه أمر مريم بهز النخلة لترى آية ,
وكانت الآية تكون بألا تهز .
الثالثة :
الأمر بتكليف الكسب في الرزق سنة الله تعالى في عباده , وأن ذلك لا يقدح في
التوكل , خلافا لما تقوله جهال المتزهدة ; وقد تقدم هذا المعنى والخلاف
فيه . وقد كانت قبل ذلك يأتيها , رزقها من غير تكسب كما قال : " كلما دخل
عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا " الآية [ آل عمران : 37 ] . فلما ولدت
أمرت بهز الجذع . قال علماؤنا : لما كان قلبها فارغا فرغ الله جارحتها عن
النصب , فلما ولدت عيسى وتعلق قلبها بحبه , واشتغل سرها بحديثه وأمره ,
وكلها إلى كسبها , وردها إلى العادة بالتعلق بالأسباب في عباده . وحكى
الطبري عن ابن زيد أن عيسى عليه السلام قال لها : لا تحزني ; فقالت له وكيف
لا أحزن وأنت معي ؟ ! لا ذات زوج ولا مملوكة ! أي شيء عذري عند الناس ؟ ! !
" يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا " فقال لها عيسى : أنا أكفيك
الكلام .
الرابعة :
قال الربيع بن خيثم :
ما للنفساء عندي خير من الرطب لهذه الآية , ولو علم الله شيئا هو أفضل من
الرطب للنفساء لأطعمه مريم ولذلك قالوا : التمر عادة للنفساء من ذلك الوقت
وكذلك التحنيك . وقيل : إذا عسر ولادها لم يكن لها خير من الرطب ولا للمريض
خير من العسل ; ذكره الزمخشري . قال ابن وهب قال مالك قال الله تعالى : "
رطبا جنيا " الجني من التمر ما طاب من غير نقش ولا إفساد . والنقش أن ينقش
من أسفل البسرة حتى ترطب ; فهذا مكروه ; يعني مالك أن هذا تعجيل للشيء قبل
وقته , فلا ينبغي لأحد أن يفعله , وإن فعله فاعل ما كان ذلك مجوزا لبيعه ;
ولا حكما بطيبه . وقد مضى هذا القول في الأنعام . والحمد لله . عن طلحة بن
سليمان " جنيا " بكسر الجيم للإتباع ; أي جعلنا لك في السري والرطب فائدتين
: إحداهما الأكل والشرب , الثانية سلوة الصدر لكونهما معجزتين .
هذا والله أعلم
ونسأل الله لنا ولهم الهدى
أنه ولي ذلك والقادر
عليه